اخر الأخبار

الخميس، يوليو 09، 2009

كيف نعيش حياتنا بالرضا ؟


جمال ماضي

هل في طلب رضا الله أوقات محددة ؟

أم أن هــذا الطلـب فـي كـل الأوقـات ؟

هل يرتبط الرضـا بزمان دون زمان ؟

أم أن هذا الطلب يكون في كل زمان ؟

حينما نستعرض معاً ، هؤلاء الذين طلبوا رضا الله في القرآن الكريم ، نجد أنهم اتجهوا إلى الله تعالى سواء بالدعاء أو المناجاة أو الفعل أو العمل ، في كل أوقاتهم ، وفي كل زمان ، بل نقول في كل لحظة تمر عليهم ، وفيهم رمق من الحياة .

ففى موطن الحج ، يقول تعالى على لسان هؤلاء : {ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضونا } المائدة /2

ومع أن الحج الفريضة ، هي مرة واحدة ، في عمر الإنسان ، ولكن لابد أن يتحقق فيها رضا الله تعالى .

وعند هجرة الأصحاب الكرام ، الذين تركوا الدنيا بما فيها ، واتجهوا إلى الله وحده ، كان رضا الله هو رائدهم ، ورائد كل مهاجر اليوم من حال إلى حال ، فالمهاجر العصري ، هو من يترك ما نهى الله عنه ، من مغريات تنتشر حوله كالهواء ، يقول تعالى :{ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضونا } الحشر / 8 .

حتى الدعاة إلى الله ، الذين يجاهدون في سبيله ، بكل وسائل الدعوة المتاحة لهم ، سياسياً واقتصادياً وإعلامياً ، وثقافياً ، وعلمياً , واجتماعياً , وتربوياً ، هم في أمس الحاجة إلى رضا الله تعالى ، يقول تعالى :{ إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي } الممتحنة / 1 .

ومن أعظم أعمال البناء والتشييد ، بناء بيوت الله ، وتأسيس المساجد ، والمراكز الإسلامية التي تنشر دعوة الله بالحسنى ، ولو لم يكن في تأسيسها الرضا انهارت ، لانهار كبناء وعقار ، وإنما تنهار هدفاً وتحقيقاً ، يقول تعالى : { أفمن أسس بنيانه على تقوى الله ورضوان } التوبة / 109.

والذين يحبون العمل الاجتماعي ، والعمل التطوعي ، وينشرون الخير في مجتمعهم ، عليهم أن يحوزوا سبق الفوز فيما يصنعون ويتحدثون ويخدمون ، وإلا فهي حركة فارغة في المجتمع ، لا معنى لها ، ولا خير فيها ، يقول تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم , إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله , نؤتيه أجراً عظيماً } النساء /114.

هل يمكن لأحدنا أن يحدد أوليته في الحياة , في أن تكون هى رضا الله وحده ؟ بمعنى إن تعارضت مع أي شئ آخر مهما كان : ( وظيفته أو أسرته أو عمله أو دراسته أو دعوته أو جماعته أو دنياه ) ، لا أقول يدع عنه هذه الأشياء ، بل إنه يقدمها أو يؤخرها , تحت عنوان : ( إرضاء الله وحده ) .

هل يمـكن فعلاً أن نفعل هذا اليوم ؟

وسط هذه الكوارث والضغوط من حولنا ؟

يمكننا طبعاً ، ولم لا ؟

ولنا أسوة في الصحابي الجليل : صهيب الرومي ، لم يكن عربياً وإنما جاء من أوربا , ولما تمكن الإيمان من قلبه ، لا فرق حينئذ بينه وبين غيره ، يقول تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13.

وبلغة عصرنا حينما خيره أهل السلطة الغاشمة الظالمة في مكة , بين أن يهاجر إلى المدينة وبين أن يترك ماله ، وكان تاجراً ثرياً , حتى أنهم عيروه قائلين : جئتنا صعلوكا !! أي لا مال لك ، لقد مر صهيب بلحظة كان لابد أن تحسم وبسرعة ، ولكن كان الأمر واضحاً لا يحتاج إلى حيرة ، ( ما أوليتى ؟ رضا الله , خذوا المال كله ، وأمضى أنا برضا الله ) ، وهذا سر قول النبي صلى الله عليه وسلم , حينما علم بذلك : [ ربح صهيب ربح صهيب ]

وإن كان بلغة عصرنا من يقول : أضاع ماله ، وأهلك تعب عمره ، ودمر مستقبله !! لذلك يقول الله تعالى , ونزلت هذه الآية في صهيب : { ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله } البقرة / 207 .

وإن كان التأني في كل شيء، سبب في أن تحصل على ما تتمنى من كل شيء ، فإننا مأمورون بعدم التأني في الخير ، فطبيعة التعامل معه العجلة والتسرع ، كذلك الأمر في إرضاء الله تعالى ، فقد كان هذا هو فعل الأنبياء ، وعمل المرسلين ، في قوله تعالى :{ وعجلت إليك ربى لترضى }طه / 84 .

ومن أكمل ما يناجى به العبد ربه ، أن يدعوه ، بأن يلهمه العمل الذي فيه إرضاءه ، فكان من دعاء الأنبياء في كتاب الله ، قوله تعالى : [ رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علىّ وعلى والدي ، وأن أعمل صالحاً ترضاه} النمل / 19 .

وأوقات الدعاء هي كل لحظاتنا ، وعلى كل أحوالنا ، لذلك كان طلب الرضا مع كل نفس فيه مناجاة ، ومع كل نبضة تتجه إلى الله ، ومع كل خلجة فيها حياة .

ومن ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم ، في خلواته مع ربه التي لا يراه فيها أحد ، يلجأ إلى الله بطلب الرضا ، تحدثنا عائشة عما رأته في ليلة ظلماء من أمر النبي صلى الله عليه وسلم : عن عائشة رضي الله عنها قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش , فالتمسته فوقعت يدى على بطنه قدمه وهو في المسجد

وهما منصوبتان وهو يقول : [ اللهم أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك ] .

ولم يكن هذا الطلب ، والنبي صلى الله عليه وسلم مقيم في بلده ، وإنما كذلك عند السفر , فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضي ] .

فمتى نحن نطلب الرضا ؟

هل نطلب الرضا عند الحاجة فقط ؟

هل نطلب الرضا في مواجهة الأزمات فقط ؟

هل نطلب الرضا أمام معارك الحياة فقط ؟

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم , لم يتركه في ليل أو نهار ، في سفر أو إقامة ، في سلم أو حرب ، ولنا أسوة في حبيب قلوبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهي عبارة قليلة الحروف ، تخرج عن معاني عميقة في النفس والقلب ، يقبلها الله تعالى على الفور ، وأمامنا مشهد من المشاهد الرائعة ، لأحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : وهو يردد هذه العبارة : ( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، كما يحب ربنا ويرضى ) .

يقول صلى الله عليه وسلم :[ والذي بيده ، لقد ابتدرها بضعة وثلاثون مَلكاً أيهم يصعد بها ] .

2- متى يرضى الله عنك ؟

هل سألت نفسك مرة ، كيف يطمئن قلبى أن الله راضٍ عنى ؟

أولاً : عند المواقف

فالله تعالى يرى ويسمع :{ يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور } غافر / 19

فهو يتعامل مع الإنسان منا بالمواقف ، فكن جميلاً في كل المواقف ، خاصة المواقف التي تحتاج إلى قرار حاسم ، سمه قراراً تاريخياً ، قراراً مصيرياً ، قرار حياة أو موت ، فهو موقف والله ينظر إلى المواقف .

مثال : مشهد الأصحاب وهم ينسون في لحظة صدق كل رابط بالأرض ، ولا يتعلقون إلا بموقف فيه هذا القرار الحاسم ، في التوجه لله وحده وبمرضاته عن أي شئ ، إنه موقف أهل البيعة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الموت ، فأنزل الله فيهم قوله تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } الفتح / 18 .

ثانياً : عند التضحيات

كتب معاوية إلى أم المؤمنين عائشة :( أن اكتبي إلىّ كتاباً توصيني فيه ولا تكثري علىّ )

فكتبت : ( سلام عليك ، أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يقول : [ من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ] . والسلام عليك.

فعند تقديم التضحيات ، يرضى الله عنا ، وأكبر التضحيات أن لا يبحث الإنسان من وراء ما يعمل أرضى الناس أم سخطوا ، فما دام هو متوجه لإرضاء الله وحده فلا عليه ! ، فالذين يسعون لإرضاء الناس - سواء كانوا كباراً أو مسئولين أو مديرين أو أي أحد مهما كان موضعه - تارة بالتملق , وأخرى بالمدح ، أو بالخدمة , أو بفنون الإرضاء البشرى ، غير عابئين برضا الله أو سخطه ، يتخلى الله المعين عنهم ، ويوكلهم إلى هؤلاء الناس ، وهل الناس ينفعون أنفسهم حتى ينفعوا غيرهم ؟ !!

ثالثاً : عند الاختبارات

من الاختبارات القاسية في حياة الإنسان ، أن يمتحن في العواطف والمشاعر، خاصة حب الزوجة أو الولد ، أى في مجال العواطف الأسرية ، ولذلك يأتى النجاح لصالح الحب الأسرى , سواء بين الزوجين أو مع الأبناء ، حينما يتعلق الجميع برضا الله وحده ، فإذا بالحب يتعمق ، وبالعواطف تتأجج دائما نحو الأمان والاستقرار ، ومن أجل ذلك عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، قائلاً : { يا أيها النبى , لم تحرم ما أحل الله لك , تبتغى مرضات أزواجك } التحريم / 1.

رابعاً : نرضى عمن رضى الله عنه

الله تعالى يرضى عن أنبيائه ، ولذلك فإن رضى الإنسان بالأنبياء ، رضى الله تعالى عنه ، فالله تعالى يقول :

{ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً } مريم / 55 .

والله تعالى يرضى عن الصحابة ، فواجبنا ليرضى عنا الله أن نرضى نحن عنهم ، يقول تعالى : { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، رضى الله عنهم ورضوا عنه } التوبة / 100.

خامساً : لا نرضى عمن لم يرضَ الله عنه

من الذين لم يرضَ الله عنهم طائفة من اليهود والنصارى ، الذين لا يرضون عن المؤمنين ، ويحاولون جاهدين إخراج المؤمن عن دينه ، بشتى أنواع الصور ، واليوم يحاربون المؤمنين ثقافياً ومالياً ونفسياً وجنسياً وجسدياً وصحياً ، حتى تتفكك الأواصر بين الأمة الواحدة ، وتضعف الإمكانات لأبنائها ، يقول تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } البقرة /120.

وليست اليوم ممثلة في ( اتباع الملة ) بل الخروج عن الإسلام ، و بالتبعية لهم ، والتقليد الأعمى , ومناصرة مشروعهم الذي لا يحقق إلا مصالحهم ، بأسماء وحيل , لا ينخدع بها إلا أصحاب المصالح مثلهم , وباختيارهم , مثل : العولمة والماسونية والمشروع الأمريكى الصهيوني والديمقراطية والعالمية والحرية وتحرير المرأة , وغير ذلك , مما له في اسمه طنين ، وفي داخله اصطدام صريح بالإسلام ، وتبعية لملتهم .

كذلك من الذين لا يرضى الله عنهم ، المنافقين ، والمتملقين ، والذين يرفعون الشعـارات ، ويحلفون بالأقسام ، ويزعمون ويدعون ، لحوز الرضا ، والله تعالى لا يرضى عن القوم الفاسقين ، يقول تعالى : { يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } التوبة / 96 . ويقول تعالى : { يحلفون لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } التوبة / 62 .

3- ثمرات الرضا في الحياة

حياتنا بالرضا هى أحلى حياة ، وما يعود علينا من ثمرات ، هو الذي يحدد مقدار سعادتنا , في أى عمرنحن فيه ، ومن هذه الثمرات :

1ـ جزاء الرضا هو الرضا :

يقول صلى الله عليه وسلم :[ إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السَّخط ] فالذي يتعرض للابتلاء ، يعلم بأنه يكفيه , اختيار الله له بالابتلاء ، وامتحانه في الرضا ، فرضاه بقدر الله , هو رضا من الله عليه .

2- رضا الملائكة عنك :

لما سُأل صفوان : ما جاء بك

قال : ابتغاء العلم

قال : بلغنى أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما فعل

ثم قـال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ما من خارج ، خرج من بيته ، في طلب العلم ، إلا وضعـت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع ] .

فلو علم الدارسون والباحثون والطلاب اليوم ، على ما ينتظرهم ، من رضا الملائكة ، لنهلوا كل العلوم ، ولا ستزادوا في كل لحظة بالجديد ، ووسائل الحصول اليوم سهلة وميسرة ومتوفرة ، من جامعات ومدارس وتعليم حر ، وتعليم عن بعد ، عن طريق مواقع النت ، والأكاديميات الالكترونية .

ورضا الملائكة ، هو ثناء على الإنسان , لفعله وصنعه وسعيه وعمله وحركته ، يفتح الطريق لرضا الله عنه .

3- أساس النجاح في الحياة :

حياتنا هي تعايشنا مع الناس ، وتعاملاتنا مع المجتمع ، وحركتنا في هذه الدنيا ، وكل واحد منا يحب النجاح ويسعى إليه ، ومن أسهل الطرق للوصول إلى النجاح ، أن يكون الأساس متيناً وقوياً ، وأساس النجاح في حياتنا ، هو الرضا ، وتأمل معي ما ورد في هذه المجالات , من حياتنا اليومية ، في داخل بيوتنا :

أـ في مجال التجارة والرزق :

يقول تعالى :{ ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم } النساء /29 .

ب- في مجال المقبلين على الزواج :

ــ يقول صلى الله عليه وسلم : [ إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه , إلا تفعلوا , تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ] .

فكان الميزان في الرضا بالدين والخلق .

ــ وحينما سألت عائشة : يا رسول الله إن البكر تستحى ، قال : رضاها صمتها .

فكان الصمت ميزاناً لرضا الفتاة عن خطيبها

ج- في مجال غرفة النوم :

ــ وفي حياة الزوجين ، وفي غرفة النوم ، وفي الجماع ، لابد من توفر الرضا ، يقول صلى الله عليه وسلم :

[ والذي نفسى بيده ، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها ، فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء , ساخطاً عليها , حتى يرضى عنها ] .

وليس الرضا تحكم من الزواج أو سيطرة منه ، وإنما هو الحب الذي يحرك العاطفة ، ويجعل بينهما اللين واللطف والرقة ، ولن يتحقق ذلك إلا من الزوجين معاً ، فالرضا صناعة مشتركة بالتفاهم والحب والمودة .

د - في مجال العلاقات الزوجية :

يقول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة :[ إنى لأعرف غضبك ورضاك قالت : قلت : وكيف تعرف ذاك يا رسول الله ؟ قال : إذا كنت راضية قلت : بلى ورب محمد , وإذا كنت ساخطة , قلت : بلى ورب إبراهيم , قلت : ( أجل لست أهجر إلا اسمك ) ]رواه البخاري .

وكأن عائشة توصى كل زوجين ، بأن أساس العلاقات بينكما هو الرضا ، والرضا في القلب ، بالحب والإحساس به ، وحركة اللسان فقط هي تعبير شكلي ، ولكن الحب محفور في القلب ، والهجر للاسم والشكل فقط .

4- الفوز بالرضوان الأكبر :

كيف تفوز بالرضوان الأكبر ، الذى هو النظر إلى وجه الله الكريم ؟

ليس لذلك إلا طريق واحد ، بالرضا عن الإيمان ، يستوى في ذلك الرجل والمرأة , ولذلك يقول تعالى : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات عدن , تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر ، ذلك هو الفوز العظيم }التوبة / 72 .

5- البشارة بالجنة :

قي قوله تعالى : { يبشرهم ربهم , برحمة منه ورضوان , وجنات لهم , فيها نعيم مقيم } التوبة / 21 .

ويقول تعالى :{ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ، لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار , خالدين فيها , رضى الله عنهم , ورضوا عنه , ذلك هو الفوز العظيم } ويقول تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية }

وتأملوا معي , آخر أهل الجنة ، كيف أن الرضا , هو الذي أنقذه من النار : ( إنه رجل يجئ بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة

فيقول : أى رب كيف وقد نزل الناس منازلهم ؟

فيقال : أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلِك من من ملوك الدنيا ؟

فيقول : رضيت رب

فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله

فقال في الخامسة : رضيت ربِ فيقول هذا لك وعشرة أمثاله

ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك

فيقول : رضيت رب

وهذا مصداق لقوله تعالى : { فهو في عيشة راضية } الحاقة / 21 .

إن بمـقدورنا أن نصنع هذا الإنقاذ في يومنا , برضانا بالحال ، ورضانا بالمال ، ورضانا بأهلنا ، ورضانا بأعمالنا ، ورضانا بأبنائنا ، ونعلنها من اللحظة , لله تعالى : ( رضيت رب ) .

6- الرضا نجاة من الصعاب :

الحياة كبد كلها ، ليصنع الإنسان سعادته ، فالسعادة بيدنا وليست بيد غيرنا ، والرضا هو النجاة من الكوارث والمصائب والأزمات ، وهذا المشهد كم هو يفصح عن المعانى دون كلام :

أتى رجل , خالَ أنس , فطعنه من ظهره ، فقال على الفور : فزت وربِّ الكعبة , فقال صلى الله عليه وسلم :

[ إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا : اللهم بلغ عنا نبينا .. أنا قد لقيناك .. فرضينا عنك ..فارض عنا ] .

فكأن الزمان تخلى عن أبعاده ، فوصل ما يريدون وما يرغبون في تبليغه ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بفضل رضاهم عن ربهم , وطلبهم أن يرضى الله عنهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق