اخر الأخبار

الثلاثاء، يونيو 23، 2009

الله يعزك يا حماس




خطوات التغيير العشرة


أ. جمال ماضي
قبل أن نخوض في بحر التغيير ، ما رأيك أولاً في أن نتعرف على الخطوات التي تؤهلنا للتعبير ، من تغيير الحالة النفسية ، فكما قالوا : التخلية قبل التحلية ، وإزالة الرواسب هى الخطوة التي تسبق الغرس ، فالأرض تمهد لتستقبل البذرة ، التى تنمو بعون الله ورعايته , ثم جهد الإنسان ومهارته وتغلبه على الصعوبات , ومقدرته على صناعة بيئة صالحة .وما خطوات التغيير العشرة إلا ممارسة هذه الأشياء ، فما هي خطوات التهيئة الأولى؟ والتي نطلق عليها : في ( مشروع التغيير ) : تهيئة الحالة النفسية ، التي ستحمل أمانة التغيير ، وتنفذ أكبر مشروع في حياة الإنسان .
ما قبل الخطوات : تغيير الحالة النفسية
أولاً : اعترف
كم هم هؤلاء الذين يظنون أنهم لا يخطئون وإن كان الخطأ ظاهراًً ، تراهم يرمون بالمسئولية على غيرهم ، حتى يقنعوا أنفسهم بأنهم بعيدون عن الخطأ ، وبالتالي تتراكم أخطاؤهم دون أن يدروا ليصبحوا وجهاً لوجه أمام كارثة نفسية ، لا يعلم مداها إلا الله تعالى .
إن لحظة الاعتراف بالخطأ تحمى صاحبها ، وتبصره بطريق العلاج ، وتوطد صلته بالناس ، وتجعله في راحة نفسية لم تكن يتوقعها ، ليس العيب في الخطأ فكل ابن آدم خطاء ، ولكن العيب في عدم رؤية الخطأ والاعتراف به ، ولنا قدوة في أول خطأ لأبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء عليها السلام :{ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } الأعراف / 23 .
فالاعتراف بالخطأ لابد أن يصحبه الألم والندم ، الذي يدفع الإنسان نحو الطاعة , وليس الألم والندم الذي يدفع إلى المعصية أو المزيد منها , أو الإحباط واليأس , والانعزال النفسي ، فقد بدأت حياة جديدة على الأرض لزوجين ، بدأت منهما أول أسرة على كوكبنا ، بفضل الاعتراف بالخطأ , وإظهار مرارة الألم ، يقول تعالى :{ وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } البقرة / 37 .
وهكذا انطلقت أول حياة عى أرضنا .
ثانيا : تحمّل
ما سر قوة الإنسان ؟
هل تنبع من أسباب خارج ذاته ، أم أنها تنبع من عميق كيانه ؟
ليس الأمر محير ، بل هو واضح جداً ، القوة الحقيقية تنبع من داخل أنفسنا ، وليس بعون من البشر ، وإنما بعون من الله الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ، ولذلك فحينما نستعين بقوة من الله ، فنحن الأقوياء بالله ، ولكن بإصرارنا وعزمنا وهمتنا .
وخطوات هذا الإصرار واضحة لاستعادة عافيتنا وقوتنا وهى :
1- أنت الذي تتحمل المسئولية كاملة عما يعتريك من ضيق وألم .
2- أنت الذي تكتشف سر ما أنت فيه من ألم فأنت سبب الداء .
3- أنت الذي عنده الدواء مع كل ما تشعر به من ضيق وتبرم .
ووفق هذه الخطوات فأنت مَنْ يقوى على تصريف أمورك ...
فلماذا التبريرات ؟
ولماذا تستعين بأسباب خارج نفسك ؟
ثالثاً : تحرّر
فمن التبريرات تصنع أنت تعاستك ، فماذا بعد أن اقتنعنا بأن كل واحد منا مسئول عن تصرفاته وسلوكه ؟ وهذا هو سر القوة ، وكل ما عدا ذلك فهو ضعف يعترى الإنسان ، مثل :
دعني أنا غارق في التفكير ، حالتي ضعيفة نفسياً وهذا حقي في أن أشعر بذلك ، حالتي خطيرة ولا يهتم بي أحد، لا يفهم أحد مقدار مشاكلي التي لا تعد ولا تحصي .
لماذا لا تتحرر من هذه الأوهام ؟ بماذا ؟ بشيء واحد :
واجه التحديات والمشكلات ، ولا تلجأ إلى هذه الأوهام فإنها تدمرك
عش الواقع ، حلل ما أنت فيه ، ثم قم بتجميع أفكارك
وتريث واهدأ وقدّم العقل في ترتيب التنفيذ
بالله عليك ماذا خسرت ؟!!
رابعاً : لا تشكو
من أسهل ما يمكن في حياتنا ، أن نقول لمن أمامنا : ( أنت السبب ) ، سواء كان ذلك في أعمالنا أو مع زوجاتنا أو مع أولادنا ، ونحسب بذلك أننا قد حصلنا على حكم بالبراءة من جريمتنا !، إن إلقاء اللوم على الآخرين ، هو إدانة لنا وليس نجاحاً ، فالتفكير بايجابية ، هو ما يجعلنا نطرح عن تفكيرنا كل سيء إلى أنفسنا وذواتنا ، لتكون نقطة انطلاق ،إننا إن لم نكن نملك هذه النظرة الإيجابية ضيعنا أوقاتنا في الشكوى ، نشكو أنفسنا ودنيانا وأعمالنا وبيوتنا إلى الناس ، حتى ندمن ذلك ، ونظن أننا قمنا بحل المشكلات ، وأن الشكوى قد أزالت الصعاب.
وبعد :
سرْ على بركة الله
انظر بعمق بعيداً
اتجه إلى الله بالدعاء
اتخذ قرارك بالتغيير
التغيير نحو الأفضل
ولا تيأس من رحمة الله
خطوات التغيير العشرة
1- أنت مَنْ تستطيع التغيير
{ لقد كان لـكم في رسـول الله أسـوة حسـنة لمـن كان يرجـو الله والـيوم الآخر وذكر الله كثيراً } الأحزاب / 21.
فهذا فرد غيرّ وجه العالم بمفرده ، لنا فيه أسوة ، والذي يأمرنا هو الله تعالى ، لحكمة يعلمها الله ، وهى أن في استطاعة كل منا التغيير ، فأنت مَنْ يستطيع التغيير ، وفي قدرتك أن تغير ، يقول تعالى :
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } الرعد / 11 .
وهذه سنة التغيير ، قائمة علينا ، والخبير بنا تعالى هو الذي خلق ذلك في استطاعتنا ، فلماذا التواني ؟
2- أنت قادر على صنع التغيير
يقول تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } الذاريات / 56 .
فالله سهّل لنا العمل في الحياة ، وكيف ننطلق فيها ، بتعرفنا على الهدف والغاية ، فالعاقل له في كل خطوة هدف محدد ، وبرنامجنا في الحياة هو السعي وعمارتها ، واكتشاف الجمال في مخلوقات الله ، وهذا هو الإيمان العميق الذي يدفع الإنسان إلى صناعة التغيير .
3- أنت محاسب على كل قول أو فعل
يقول تعالى : { وقفوهم إنهم مسئولون } الصافات / 24 .
فلا مسئولية بدون حساب ، وأنت مكلف ، وكل تكليف ، يعقبه حساب ، والسائل هو الأعلى تعالى ، الذي لم يخلقنا هملاً ، يقول تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى }القيامة / 36 .
فكل قول أو فـعـل أو حـركة ، هى مـسئوليتـك أنت ، يقـول تـعالى : { ولا تـزر وازرة وزر أخـرى } فاطر /18
فلا يتحمل أحد مسئولية غيره ، فكل خطوة ، وكل كلمة ، وكل جملة ، وكل شيء ، له قدر ومكان في هذا الوجود ، هذا ما يجب أن نفهمه , ونحن في مشروع التغيير .
4- أن تؤمن بالتغيير والالتزام به
لو كان التغيير كلاماً وخطباً ومطالبات لكان الأمر هيناً وسهلاً ، ولكن التغيير هو التزام وسلوك ، لا يتحقق في الواقع إلا إذا كان الإيمان به عميقاً في داخلنا ، والقناعة به كاملة ، حتى يكون هو أعصابنا التي تلتهب ، وأنفاسنا التي تؤكد على وجودنا في الحياة ، والالتزام به يعنى :
ـ تقوية الصلة بالله واستمداد عونه.
ـ الاطلاع الدائم والتدريب المستمر.
ـ الفاعلية المنضبطة الحكيمة العملية.
ـ الثقة بالنفس ومحاسبتها.
ـ الاستفادة بالوقت وفرص الأقدار.
5- الذاتية والمسئولية الفردية :
كل جهد نابع من النفس دون إجبار أو متابعة ؛ هو ما يعرف بالذاتية ، وأولى المسئوليات في الذاتية ، مسئوليتك عن نفسك ، سواء في أعمال فردية أو في أعمال جماعية ، فإيمانك بالتغيير هو التزام وعهد مع نفسك ، وإن تخلى عنه الآخرون ، وإن حاصرتك الضغوط فكل ذلك لا يعفيك عن المسئولية الذاتية ، فمن يعلم ما في داخلك مثلك ؟ عيوبها ومداخلها وقصورها وضعفها ، هو أنت ، وأنت القادر على التعامل معها ، فمن العيب أن تقول :
ماذا أفعل ، لا أستطيع بمفردي ، أريد مساعدة ، إنني منتظر التكليف من الإدارة ، أعطوني تصريحاً وانظروا ماذا أفعل ؟ .
6- لا تشغل بالك بفرعيات التنفيذ :
التغيير هو معرفتك بالهدف : لماذا تغير ، وما الذي تغيره ؟
فإن كان هذا الأمر واضحاً ، فاطمئن تماماً أن وسائل وطرق التغيير ، ستأتى بين يديك ، وليس معنى ذلك ألا تفكر فيها وتستعد لها ، وإنما هى من المتغيرات وفق الأحوال المتقلبة والمتغيرة , حتلى لا تنشغل بطريقة أو وسيلة عن الهدف ، ولا تنشغل بفرع عن الأصل ، هذا التداخل هو الذي يؤخر قرارنا أحياناً ، وإن ضاعت الكليات سبحنا في فرعيات , تؤخر ما نصبو إليه ، فيجب الانتباه إلى هذا القيد الخفي .
7- ابدأ بالمتاح ولا تكن مثالياً :
البعض ينتظر حتى تتوفر الإمكانات ، ثم يقول :
الآن انطلق ، اللحظة أغير
ومن يضمن توفر الإمكانات ؟
ومن يضمن الانتظار ؟
احسب المتوفر لديك ، ورتب المتاح الآن ، وابدأ واجتهد ، فالمثالية قد تؤخر التغيير بلا داعى ، وليس معنى ذلك أننا لا نسعى لتحقيق الأمور المتميزة المثالية في حياتنا ، ولكن لن نصل إليها ، إلا بالعمل , والحركة إليها , والاجتهاد في الوصول لها ، لأنها عزيزة تنتظر من يأتى إليها .
ولذلك لا تقل :
ـ ما زلت مبتدئاً
ـ الأمر الآن فوضي
ـ الأحوال على مالا يرام
8- امتلك الوعى والكياسة :
هل في استطاعة أحد أن يغير شيئاً لا يعرفه ؟
هل في استطاعة أحد أن يغير شيئاً لا علم له به ؟
إن أصل التغيير هو المعرفة ، هو العلم به ، هو الوعى به ، هو الإدراك لمعانيه ، بشيء من الفهم والكياسة ووالذكاء ، وهذا هو طريق التغيير .
لقد اشترط بعضهم الوعى والكياسة قبل البدء في عملية التغيير ، فإنها أولى خطوات التنفيذ ، وبداية طريق الممارسة .
9- احلم وتخيل ومارس :
بعد الوعى وبعد المعرفة ، وبعد الانطلاق في طريق التغيير ، أنت بحاجة إلى طاقة وزاد مستمر ، احلم وتخيل وتأمل واترك العنان لعقلك ، ثم حول الأحلام إلى واقع ، والأفكار إلى تطبيق .
بالممارسة والعمل والانشغال ، وهى دائرة لا تنتهي ، أنت مشغول بالأمر في عاطفتك وبدنك ووقتك وأحوالك وأعصابك ، فستأتيك الأفكار تترى عليك ، وستجد الأحلام تتساقط على عقلك ، فبادر وأسرع بإحيائها في الواقع ، وامنحها روح الحياة ، هنالك تشعر بنشوة المولود الجديد ، وحركة الجسد الذي كان بالأمس جماداً لا حراك فيه .
10ـ تغير أنت أولاً :
لضمان النجاح في مشروع التغيير ، في أى جانب من جوانب حياتك اليومية ، هو أنت ، لقد بدأت الخطوات من حيث أنت ، وكذلك تنتهى من حيث أنت ، لاتطلب من الآخرين أن يتغيروا ، تغيّر أنت أولاً فسرعان ما يتغيرون.
التزم ، اصدق ، اجتهد ، حاول , اصعد ، ارتق ، تفاعل ، شارك ، اقتحم ، غامر ، بادر ، ابتسم ، ... ، ... ، ... حتما سترى الوجود متغيراً كما تشاء .

الاثنين، يونيو 22، 2009

سكان القمم

ناصر الأحمد
إذا نظرنا في هذه الأرض.. فسنرى فيها القمم الشامخة.. والفيافي الواسعة 00والوديان السحيقة ..ونرى أيضا النسور التي تحلق في السماء ..وتعانق الغيوم ..وتزاحم النجوم 00فى المقابل نرى من يزحف في بطون الأودية , أو يدفن رأسه في التراب كالنعام 00واذا نظرت في الحياة.. فسترى قيما عالية.. وأخلاقا رفيعة00 وفى المقابل.. ترى سفا سف دنيئة.. وقيما وضيعة ..والناس كالطيور.. منهم من يحلق هنا وهناك.. ومنهم من يلتصق بهذه أو تلك
قلبي يحدثني ألا يليق به *** رضا بجهد ذليل اللب يرضيهقد ثار ثائر نفس عز مطلبها *** أو طار طائر لب في مراقيهكالنسر لاحا جب للشمس يحرقه *** ولا الصواعق والأرواح تفنيهليس الطموح إلى العلياء من سفه *** ولا السمو إلى حق بمكروهإن لم أنل منه ما أروى الغليل به *** قد يحمد المرء ماء ليس يرويهوالقانعون بما قد دان عيشهم *** موت فان هدوء القلب يرديهيا قلب يهنيك نبع كله حرق *** إلى الغرائب مما عز ساميه
قال الإمام ابن الجو زى رحمه الله : وتلمح سير الكاملين في العلم والعمل.. ولا تقنع بالدون ..فقد قال الشاعرولم أر في عيوبا الناس شيئا *** كنقص القادرين على التماممن هم سكان القمم ..؟..هل هم بشر كسائر البشر...؟.. أم هم أناس يعيشون على كوكب آخر.. ومن جنس غير جنس البشر ..؟إن سكان القمم معاشر الأحبة.. أناس مثلنا ..قريبون منا ..يعيشون على هذه الأرض بأجسامهم.. لكن هممهم وعزائمهم تحلق في السماء..سكان القمم لا يرضون لأنفسهم من كل شيء إلا أحسنه ..ومن كل أمر إلا أتمه و أجمله ..وقد قيل قديما :قدر الرجل على قدر همته..فمن كان عالي الهمة ..كان عالي القدر..فبادر يا أخي الحبيب ولا يقعد بك العجز عن المكرمات.. وتأمل سير السابقين.. فإنها للهدى منارات.. حاول أن تكون من سكان القمم.. وابذل في تحصيله كل غال ورخيص.. ولا تدخر في ذلك أي نفيس.. لكل مجد مكافأة تليق بمقامه..فمن جد في العلم كوفىء باحتياج الناس إليه ..ومن جد في بذل المعروف كوفىء بثناء الناس عليه ..ومن كان همه ما يأكله كان قيمته ما يخرجه ..أين طلاب المعالي ؟..أين أصحاب الهمم العوالى ؟..أين من يحب الله صنيعهم ويبارك مسيرهم ؟ ..لا يسأل الكثير إلا من كان عقله يفكر بالكثير..ولا يطلب العظيم إلا من كانت نفسه تسمو لكل عظيم ..
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجومفطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم
إن حياتك مغامرة كبيرة ..وان لحظات عمرك مباراة خطيرة ..فإياك أن تخرج منها خاسرا.. قبل أن تبنى لك بيتا في الجنة ...روى الإمام مسلم في صحيحه أن أبا بكر رضي الله عنه قال ..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر أنا ..قال فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر أنا ..قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر أنا ..قال فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر أنا ..فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة )..وعند مسلم أيضا من حديث أبى بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من انفق زوجين في سبيل الله نودي يا عبد الله هذا خير ..فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة .. ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ..ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ..ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ..فقال الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله ما على احد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة.. فهل يدعى احد من تلك الأبواب كلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وأرجو أن تكون منهم ) ..قال الله تعالى ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21)
إن المكارم لا تحصل بالمنى *** لكن لها بالتضحيات سبيلافلكم سما للمجد من أجدادنا *** بطل أقام على السمو دليلافسل المعالي عن شجاعة خالد *** وسل المعارك هل رأته ذليلاوسل الحضارة إن رأيت بهائها *** عمن أنار لهديها القنديلاوسل المكارم والمعالي هل رأت *** من بعدهم في ذا الزمان مثيلا هذى المكارم عندهم كبداية *** لسلوك درب ما يزال طويلافي الأرض مجدهم ولكن قلبهم *** لجنة الفردوس رام رحيلاوخذ المكارم لا تخف أعبائها *** عبء المكارم لا يكون ثقيلا
عن أبى ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) ..رواه مسلم .. روى أن أعرابيا سال أناسا من أهل البصرة : من سيد القوم في بلدكم ؟ فقالوا الحسن أي البصري ..فقال بم سادهم ؟ قالو ا..احتاج الناس إلى علمه.. واستغنى هو عن دنياهم .. سكان القمم أبعد ما يكونون عن زخارف هذه الدنيا وبهرجها ..الهم الأكبر لسكان القمم هم الآخرة ..أما الدنيا فقد استصغروا متاعها ..واحتقروا نتائجها ..وترفعوا عن الاستباق فيها ..فتحرروا من قيودها وهمومها ..يقول الحسن رحمه الله : ( من نافسك في دينك فنافسه ..ومن نافسك في دنياك فالقها في نحره )...روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت الآخرة همه ..جعل الله غناه في قلبه .. وجمع له شمله.. وأتته الدنيا وهى راغمة ..ومن كانت الدنيا همه.. جعل الله فقره بين عينيه ..وفرق عليه شمله.. ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) ..انه وعيد من الله جل جلاله لمن كانت الدنيا أكبر همه ..فهو مقبل عليها بكليته ..يجمع حطامها في نهم لا ينقضي .. منشغل بذلك عن الآخرة ..فمن كانت هذه حاله.. عوقب بشتات القلب ..فلا يزال لاهثا وراء المال والمناصب والشهوات ..يعب منها لكنه لا يشبع ولا يرتوي ولا يكتفي ..بل يظل في طلب المزيد ..غافلا عن أنه لا يأتيه إلا ما كتب الله له من الرزق ..وان حاله هذا هو عين الفقر ..حيث لا تنتهي حاجته.. ولا يحصل له الرضا بما جمع من المال.. وهذا معنى ( جعل الله فقره بين عينيه ).. وفى المقابل حال الرجل الصالح الذي جعل الآخرة همه ..فهو في سعى دائم لتحصيل الحسنات ..والوصول إلى مرضاة رب الأرض والسماوات ..مع حسن توكله على الله ..فهذا يجمع الله له أمره.. ويرزقه القناعة.. والرضي ..وغنى النفس ..ويبارك له في ماله.. وصحته وأولاده..وهذا هو الغنى الحقيقي ..يقول الإمام ابن الجو زى رحمه الله ( يا هذا حب الدنيا أقتل السم ..وشرورها أكثر من النمل ) وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ( والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع ) رواه مسلم ..وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس حوله فمر بجدي أسك ميت فتناوله فاخذ بأذنه ثم قال : أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟ فقالوا ما نحب انه لنا بشيء ..وما نصنع به ..فقال أتحبون انه لكم ؟ قالوا والله لو كان حيا كان عيبا فيه..لأنه أسك.. فكيف وهو ميت ..فقال : فو الله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم ) رواه مسلم ...وتلاحظ يا أخي الحبيب في هذه الأحاديث تحقير شأن الدنيا وتهوين شأنها بجانب شان الآخرة ..فنعيم الدنيا قليل زائل يشوبه الكدر ..إذا سر فيها المرء أمر ساءته أمور ..أما نعيم الآخرة فنعيم كله لا نكد فيه ولا أحزان ..وقد كان صلى الله عليه وسلم الأسوة و القدوة في نظرته إلى الدنيا.. فلم يركن إليها ولا تعلق بها ..بل كان شأنه فيها كشأن الراكب المسافر الذي استظل في طريقه تحت ظل شجرة ثم قام يواصل سيره ..فالدنيا أشبه بتلك الاستراحة العارضة ..وكما أن المسافر ليس له هم إلا الوصول إلى غايته.. وهى منتهى سفره ..فكذلك العاقل الموفق في الدنيا ..لا يتعلق بدنيا عارضة زائلة .. منشغلا عن النعيم الخالد في الآخرة
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن *** إذن لم يكن فيها معاش لظالملقد جاع فيها الأنبياء كرامة *** وقد شبعت فيها بطون البهائموقال آخر: تمتع من الأيام إن كنت حازما *** فانك فيها بين ناه وآمرإذا أبقت الدنيا على المرء دينه *** فما فاته منها فليس بضائر فلا تزن الدنيا جناح بعوضة *** ولا وزن رق من جناح لطائر فلم يرض بالدنيا ثوابا لمحسن *** ولا رضي الدنيا عقابا لكافر
الأمة الإسلامية تواجه اليوم عدوا شرسا.. كشر عن أنيابه ..واظهر ما كان مستورا في فؤاده ..هذا العدو لا يمكن أن يواجه بأناس ذوى همم ضعيفة ..ولا بأناس تعلقوا بدنياهم ..لا يكسر هذا العدو إلا سكان القمم ..لكم أضر بنا غياب الزهد عن حياتنا ..فالزهد في الدنيا ..من أهم مقومات الصراع بين المسلمين وأعدائهم.. ومواجهة المكائد والمؤامرات التي يتعرضون لها الآن ..وان من الغفلة القاتلة أن يظن المسلمون أن عدوهم غافل عنهم ..فضلا عن أن يتوهموا أنه صديق لهم.. إلا إذا تصوروا أن الذئاب والنمور تصادق فرائسها ..إن عدونا يرقب بحذر ويقظة وتنمر صحوة المسلمين ..مع أن أصحاب الصحوة لم يسلموا من بنى جلدتهم .. وان عدونا يمد عينيه بطمع وشره واحتيال.. إلى ما تبقى في أيدينا من ثروات ..فهو لا يرضى لنا عودة إلى ديننا تبعث فينا الحياة والقوة ..وتفتح أعيننا على مصالحنا .. ما انه لا يرضى للغافلين منا.. أن يهنئوا بما في أيديهم من ثروات ..فهل نفيق الآن ؟ ونزهد في الترف والدعة والراحة.. التي لا تثمر إلا الخنوع والضعف.. ونعمل لنرد عن الأمة غائلة العدو.. ونقطع أطماعه فينا ..أم نبقى في ترفنا وترهلنا حتى تأكلنا الذئاب ؟... من أشد ما تصاب به أمة من الأمم أن يكون أفرادها ذووا همم ضعيفة.. وعزائم واهنة.. وتطلعات قاصرة ..يرى أحدهم نفسه قزما أمام المتغيرات الكبيرة ..والتحولات التاريخية.. فلا يفكر في التغيير ..ولا البدء في مشاريع مستقبلية..ومن هذا وضعه.. كيف يرجى له الشفاء.. إذا كان اعتقاده أنه لا يشفى .. ذلك انه أسير تربية ذليلة ..لم يقم يوما بعمل مستقل.. أو بعمل تعاوني كبير .. لم يتدرب يوما على القيادة ..فإذا فاجأه أمر تقوقع وانزوى لأنه لا يملك الخبرة لإدارته ..إن ارض الله واسعة لمن يريد الانطلاق.. ولمن يريد تأسيس أعمال كبيرة..والطاقات متوافرة ولكنها بحاجة إلى عزمة أكيدة.. وثقة بوعد الله عز وجل ..ولقد بعث الله موسى عليه السلام.. ليخرج قومه من الذل والاستعباد.. إلى التمكين في الأرض.. والاسترواح بشرع الله ..ولكن نفوسهم كانت ضعيفة صغيرة ..لا تستطيع حمل هذا العمل العظيم.. وذلك لما ألفوه من العبودية لفرعون وملأه ..فتصاغرت نفوسهم.. وهانت عليهم ..حتى لم يعودوا يرون أنها جديرة بمرتبة الاستخلاف في الأرض ..لابد أن ينعتق الفرد المسلم من مثل هذه الأجواء التي تقيده وتشعره بضآلته .. وتشعره أنه جزء صغير من آلة ضخمة.. ومن عجلة تدور لا يستطيع الفكاك منها .. لابد أن يقتنع الفرد المسلم.. بأن عنده طاقات وقدرات.. يستطيع بها القيام بأعمال كبيرة ..إن معالي الأمور لا يبلغها إلا أصحاب الهمم العالية.. والعزائم القوية..فالجنة محفوفة بالمكاره ..قال ابن القيم رحمه الله ( علو الهمة لا تقف دون الله تعالى.. ولا تتعوض عنه بشيء سواه.. ولا ترضى بغيره بدلا منه ..وأعلى الناس همة وارفعهم قدرا من لذته في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقاءه ..) قال الله تعالى ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (يونس:58) ..كان الأعرابي يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله حفنة من شعير قائلا يا محمد أعطني من مال الله فانه ليس مالك ولا مال أبيك ..هذه همة.. بينما همة ربيعة بن كعب.. همة فوق الشمس ( عن ربيعة رضي اله عنه قال : كنت أبيت مع رسول الله.. فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل.. فقلت أسالك مرافقتك في الجنة.. قال أوغير ذلك .. قلت هو ذاك ..قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم
حدث عن القوم فالألفاظ ساجدة *** خلف المحاريب والأوزان تبتهل
أين كانت تحلق همة ربيعة ؟ ..كانت تحلق في سماء رفيعة ..وقمم شاهقة ..وكما قال الإمام ابن القيم رحمه الله ( فلله در الهمم .. ما أعجب شأنها.. وأشد تفاوتها.. فهمة متعلقة بالعرش.. وهمة هائمة حول الأنتان والحش ) سكان القمم جد في السلوك , نشاط في العمل , لا يعرفون التراخي والكسل ..ومن سنن الحياة أن الدنيا لا تعطى حصادها.. إلا لمن يزرعها , ولا جناها إلا لمن يغرسها ..سكان القمم لا ينغمسون في الترف وكثرة المباح ..قال ابن القيم رحمه الله: ( قال لي شيخ الإسلام قدس الله روحه في شيء من المباح : هذا ينافى المراتب العالية.. وان لم يكن تركه شرطا في النجاة , فالعارف يترك كثيرا من المباح برزخا بين الحلال والحرام )
سكان القمم سباقون إلى الخيرات.. مبادرون إلى القربات , لا يفرغ من خير إلا بدأ بخير بعده .. لا ينفض يده من عمل إلا وضعها في عمل آخر ..يفيد نفسه وينفع أمته ..قال أحد السلف: ( إذا هممت بخير .. فبادر هواك لا يغلبك ..وإذا هممت بشر ..فسوف هواك لعلك تظفر )
سكان القمم يتعبون لبلوغ المعالي , ويقاسون المشقة للصعود في درجات الكمال ..لكنه تعب يعقبه فرح.. ونعيم لا شقاء بعده .. يقول ابن القيم رحمه الله ( وقد أجمع عقلاء كل أمة.. على أن النعيم لا يدرك بالنعيم ..وأن من آثر الراحة.. فاتته الراحة ..وأن بحسب ركوب الأهوال.. واحتمال المشاق.. تكون الفرحة واللذة ..فلا فرحة لمن لاهم له ..ولا لذة لمن لا صبر له .. ولا نعيم لمن لا شقاء له.. ولا راحة لمن لا تعب له ..بل إذا تعب العبد قليلا.. استراح طويلا ..إنما تخلق اللذة والراحة والنعيم.. في دار السلام ..وأما في هذه الدار فكلا ) القمم يسكنها العباد والزهاد والمجاهدون والعلماء والدعاة وطلاب العلم ..شمر لسكنى القمم.. السابقون من أنبياء الله.. وأصحابهم.. ومن سار على نهجهم ..إن السكنى في القمم هي الحياة التي من حرمها..فهو في جملة الأموات ..والنور الساطع الذي يسترشد به الغرباء في بحار ظلمات الدنيا ..وهى الشفاء الذي من فقده.. فقد أصابته جميع الأسقام ..وبها تكون اللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام ..إذا هممت فبادر ..وان عزمت فثابر ..واعلم أن لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر ..يا طالبا للدعة أخطأت الطريق .. علة الراحة التعب ..إذا لم تكن أسدا في العزم ..ولا غزالا في السبق.. فلا تتثعلب .. من خاف ركوب الأهوال.. بقى عن إدراك الآمال .. من وجد الله فماذا فقد , ومن فقد الله فماذا وجد ( متى صح الود منك فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب )إذا اطلع الخبير على الضمير.. فلم يجد في الضمير غير الخبير..جعل فيه سراجا منيرا ..
سكان القمم في كل وقت يقل عددهم.. لكن يجل قدرهم.. حتى إذا ماتوا فهم أحياء ..فكم من أناس موتى.. تحيا القلوب بذكرهم .. وأناس أحياء تموت.. القلوب برؤيتهم ..قال ابن القيم ( تفنى عظام الصب بعد مماته وأشواقه وقف عليه محرم ) وقال الفاروق عمر رضي الله عنه : لا تصغرن همتك.. فاني لم أر اقعد بالرجل.. من سقوط همته ..وقد قيل : المرء حيث يجعل نفسه ..إن رفعها ارتفعت..وان قصر بها اتضعت ..قال ابن الجو زى رحمه الله ( وقد عرفت بالدليل.. أن الهمة مولودة مع الآدمي.. وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات ..فإذا حثت ثارت .. ومتى رأيت في نفسك عجزا فسل المنعم ..أو كسلا فالجأ إلى الموفق ..فلن تنال خيرا إلا بطاعته ..ولن يفوتك خير إلا بمعصيته ) ..وقال أيضا رحمه الله في صيد خاطره ( قال الكلب للأسد يوما : يا سيد السباع.. غير اسمي فانه قبيح ..فقال له : أنت خائن لا يصلح لك غير هذا الاسم .. قال جربني , فأعطاه قطعة لحم وقال له احفظ هذه إلى الغد وأنا أغير اسمك..أخذ الكلب قطعة اللحم ..وبعد زمن جعل الكلب ينظر إلى اللحم ويصبر .. فلما غلبته نفسه قال : وأي شيء في اسمي.. وما كلب إلا اسم حسن.. وأكل اللحم ..يقول ابن الجو زى : وهكذا خسيس الهمة.. القنوع بأقل المنازل.. المختار لعاجل الهوى.. على آجل الفضائل ..فالله الله في حريق الهوى إذا ثار فانظر كيف تطفئه ) المشكلة هي قناعة الشخص بالمستوى الذي هو فيه ..فإذا اقتنع بذلك.. فاعلم أن هذه هي أول خطوة في الانحدار ..إليك يا أخي الحبيب نماذج ممن سكنوا القمم .. فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.. يقول عنه شقيق بن عبد الله : مرض عبد الله بن مسعود.. فعدناه ..فجعل يبكى.. فعوتب فقال : انى لا أبكى لأجل المرض فاني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ..المرض كفارة.. وإنما أبكىأنه أصابني على حال فترة.. ولم يصبني في حال اجتهاد ..فانه يكتب للعبد من الأجر إذا مرض.. ما كان يكتب له قبل أن يمرض.. فمنعه منه المرض ...والإمام الطبري جلس أربعين سنة..وهو يكتب كل يوم أربعين ورقة في التأليف ..وابن الأثير ألف كتبه الرائعة.. كجامع الأصول والنهاية في غريب الحديث ..بسبب أنه مقعد ..وابن القيم كتب زاد المعاد وهو مسافر ..والقرطبى شرح صحيح مسلم وهو على ظهر سفينة ..وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ..جل فتاويه كتبها وهو في السجن .. وابن الجو زى يتحدث عن نفسه ويقول ( نظرت إلى علو الهمة فرأيتها عجبا.. وذلك أنني أروم الليل كل العلوم.. وهذا أمر يعجز العمر عن بعضه..وأروم نهاية العمل بالعلم.. مع مطالعة التصانيف وإفادة الخلق ..وأروم الغنى عن الخلق.. والاشتغال بالعلم مانع من الكسب ..وها أنا ذا احفظ أنفاسي من أن يضيع منها نفس في غير فائدة ) ..والإمام النووي رحمه الله وصف حياته لتلميذه ابن العطار.. فذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثنا عشر درسا على مشايخه شرحا وتصحيحا.. درسين في الوسيط , ودرسا في المهذب ,ودرسا في صحيح مسلم ,ودرسا في اللمع , ودرسا في إصلاح المنطق , ودرسا في التصريف ,ودرسا في أصول الفقه , ودرسا في أسماء الرجال , ودرسا في أصول الدين ,..قال وكنت اعلق على جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل.. ووضوح عبارة.. وضبط لغة..وبارك الله تعالى في وقتي ...وهذا عبد الله بن المبارك ..نور مرو وجمالها ..ونجمها وهلالها ,يقول عنه محمد بن أعيل.. وكان صاحبه في أسفاره ( كان ذات ليلة ونحن في غزاة الروم.. ذهب ليضع رأسه ليريني أنه ينام.. فقمت أنا برمحي في يدي قبضت عليه ووضعت رأسي على الرمح كأني أنام كذلك , قال فظن انى قد نمت فقام فاخذ في صلاته.. فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا ارمقه , فلما طلع الفجر أيقظني وظن أنى نائم فقال يا محمد, فقلت انى لم أنم قال.. فلما سمعها منى ما رأيته بعد ذلك يكلمني.. ولا ينبسط إلى في شيء من غزاته كلها كأنه لم يعجبه ذلك منى لما فطنت له العمل ..فلم أزل أعرفها فيه حتى مات.. ولم أر رجلا أسر بالخير منه ) ..عن القاسم بن محمد قال ( كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيرا ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي.. بأي شيء فضل هذا الرجل علينا ..حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة ؟ .. إن كان يصلى إنا لنصلى ,وان كان يصوم إنا لنصوم , وان كان يغزو فانا لنغزو ,وان كان يحج إنا لنحج ..قال فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ..فتعشى ليلة في بيت إذ طفىء السراج.. فقام بعضنا فاخذ السراج واخذ يستطلع.. فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج ..فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع.. فقلت في نفسي بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا , ولعله حين فقد السراج وصار إلى ظلمة.. ذكر القيامة ) ..وكان على بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل ويتصدق به ويقول إن صدقة السر تطفىء غضب الرب .. قال عمرو بن ثابت لما مات على بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد بظهره فقالوا ما هذا.. فقيل كان يحمل جراب الدقيق ليلا على ظهره.. فيعطيه فقراء أهل المدينة ..
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحل والحرمإذا رأته قريش قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
وداود ابن أبى هند صام أربعين سنة.. لا يعلم به أهله ولا احد من الناس , وكان خبازا فيحمل معه طعامه من عند أهله فيتصدق به في الطريق ويرجع عشيا فيفطر معهم , فيظن أهل السوق انه قد أكل في البيت ويظن أهله انه قد أكل في السوق
سكان القمم من أكثر الناس تعرضا للفتن والبلاء , قال صلى الله عليه وسلم ( اشد الناس بلاء الأنبياء .. ثم الأمثل فالأمثل ) قال الإمام العلامة المناوى رحمه الله معلقا على هذا الحديث ( ومن ظن أن شدة البلاء.. هوان بالعبد فقد ذهب لبه.. وعمى قلبه , فقد ابتلى من الأكابر مالا يحصى .. ألا ترى إلى ذبح نبي الله يحي بن زكريا ..وقتل الخلفاء الثلاثة ,والحسين وابن الزبير وابن جبير , وقد ضرب أبو حنيفة وحبس ومات بالسجن , وجرد مالك وضرب بالسياط وجذبت يده حتى انخلعت من كتفه .. وضرب الإمام أحمد حتى أغمى عليه , وقطع من لحمه وهو حي.. وأمر بصلب سفيان فاختفى .. ومات البويطى مسجونا في قيوده , ونفى البخاري من بلده ) ويضاف على تعليق المناوى رحمه الله.. بان سجن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومات في سجنه..وفعل ما فعل بتلميذه ابن القيم ..( كذا المعالي إذا ما رمت تدركها فاعبر إليها على جسر من التعب ) إن الجنة غالية.. لكنها محفوفة بالمكاره .. ومن رام السعادة.. تصدى لعبور جسر المشقة بالجد والاجتهاد ...
ينقسم الناس في سكنى القمم إلى أقسام .. 1- فمن الناس من يطلب المعالي بلسانه.. وليس له همة في الوصول إليها.. فهذا متمن مغرور .. 2- ومن الناس من لا يطلب إلا سفا سف الأمور وهم فريقان : ( ا ) فريق ذو همة في تحصيل تلك الدنايا , فتجده السباق إلى أماكن اللهو.. ومغاني الغواني.. وهذا إن اهتدى إلى الحق.. فسيكون ذا همة عالية نفيسة ..كما قال صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) رواه البخاري ومسلم ..( ب ) وفريق لاهم له .. فهو معدود من سقط المتاع .. وموته وحياته سواء .. لا يفتقد إذا غاب.. ولا يسأل إذا حضر ..3- ومن الناس من تسمو مطالبه إلى ما يحبه الله ورسوله .. وله همة عظيمة في تحصيل مطالبه وأهدافه ..وبين هذه الأقسام مراتب كثيرة متفاوتة ..قال ابن القيم رحمه الله ( لذة كل أحد على.. حسب قدره وهمته.. وشرف نفسه .. فأشرف الناس نفسا ..وأعلاهم همة.. وأرفعهم قدرا.. من لذته في معرفة الله ..ومحبته.. والشوق إلى لقاءه.. والتودد إليه ..بما يحبه ويرضاه ) .. ونرى اليوم من تفاوت الهمم أمرا عجبا .. فإذا استثنى الناظر في أحوال الناس.. أمر العامة.. واستثناؤهم واجب.. لأنه قد ماتت هممهم.. وقعدت بهم عن تحصيل معالي الأمور .. واطلع على أحوال الخاصة.. من الشباب والدعاة وطلاب العلم ..سيصاب بالدهشة لما يراه من فتور الهمة .. فمنهم من إذا قرأ ساعة في اليوم.. ظن انه أتى بما لم يأت به الأوائل .. ومنهم من تتغلب عليه زوجة وعيال فيقطع عامة وقته في مرضاتهم .. ومنهم من اقتصر في تحصيل العلم.. على سماع بعض الأشرطة.. وحضور بعض المحاضرات .. ومنهم من غلب عليه الركون إلى الدنيا.. والتمتع بمباحاتها .. تمتعا يفضى به إلى نسيان المعالي العلية .. وهكذا يندر أن تجد إنسانا استطاع أن يسكن القمم ..وان يعلو بهمته.. ويجمع شمله ويقصر من الاعتذارات والشكايات .. فتصبح حياته مثلا أعلى يحتذي به .. ولكن القليل هم الذين يستثمرون هممهم حق الاستثمار , ويحاولون أن يرتقوا بأنفسهم حق الارتقاء .. إن تحقيق كثير من الأمور.. مما يعده عامة الناس خيالا لا يتحقق , يستطيع سكان القمم بتوفيق الله لهم أولا.. وبهمتهم ثانيا , إنجاز الكثير من الأعمال التي يستعظم بعضها من قعدت به همته وظنها خيالا .. وأعظم مثال على هذا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم , إذ المعروف عند أهل التواريخ أن بناء الأمم يحتاج إلى أجيال لتحقيقه .. لكنه عليه الصلاة والسلام استطاع بناء خير امة أخرجت للناس في اقل من ربع قرن من الزمان , واستطاعت هذه الأمة أن تنير بالإسلام غالب الأجزاء المعروفة آن ذاك , وجهاده عليه الصلاة والسلام وعمله وهمته العالية في بناء الأمة أمر معروف .. والصديق رضي الله عنه استطاع في اقل من سنتين أن يخرج من دائرة حصار المرتدين , ولم يمت رضي الله عنه إلا وجيوشه تحاصر أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت , هذا وقد نهاه كبار الصحابة عن حرب المرتدين وظنوا انه لا يستطيع أن يقوم في وجه العرب كلهم .. ولكن همته العالية أبت عليه ذلك.. واستطاع أن ينجز ما ظنه الناس خيالا لا ينجز ... سكان القمم يعتمد عليهم.. وتناط بهم الأمور الصعبة .. وتوكل إليهم.. وهذا أمر مشاهد معروف , سكان القمم أحدهم يكون بمثابة فريق من الدعاة , يرفع الله به الدعوة درجات .. وقد قيل : ذو الهمة وان حط نفسه تأبى إلا العلو , كالشعلة من النار يخبيها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعا .. سكان القمم قدوة في مجتمعهم , ينظر إلى حاله القاعدون وأنصاف الكسالى والفاترون .. فيقتدون بهمته.. ويرون ما كانوا يظنونه أمرا مسطورا في الكتب القديمة .. قد انتهى وعدم من دنيا الناس .. يجدونه واقعا متحققا في حياتهم , فيظل هذا الشخص رمزا للناس ومحل ضرب أمثالهم ...
أظنك يا أخي الحبيب تريد بعد هذا أن تكون من سكان القمم .. إن الارتقاء بالنفس أمر مطلوب , ويتأكد هذا عند عقلاء الناس ودعاتهم ومصلحيهم .. و أظنك منهم .. وهذه جملة أمور تساعدهم على ذلك : أولا : المجاهدة .. فبدونها لا يتحقق شيء .. قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) .. من لم يباشر حر الهجير في طلب المجد , لم يقل في ظل الشرف .. خلق الإنسان في نصب وكبد .. هناك من يكدح في سبيل نزوة وشهوة .. والعظيم يكدح في سبيل عقيدة ودعوة .. وليس للعابد مستراح إلا تحت ظل شجرة طوبى قف بالديار فهذه آثارهم *** تبكى الأحبة حسرة وتشوقاكم قد وقفت بها أسائل مخبرا *** عن أهلها أو صادقا أو مشفقافأجابني داعي الهوى في رسمها *** فارقت من تهوى فعز الملتقى ثانيا : الدعاء الصادق والالتجاء إلى الله جل وتعالى فهو المسئول سبحانه عن أن يقوى إرادتنا .. ويعلى همتنا.. ويرفع درجاتنا .. انه الدعاء شمر إليه السالكون , وأمه القاصدون , ولحظ إليه العاملون .. فنسألك اللهم أن تجعلنا منهم ثالثا : اعتراف الشخص بقصور همته , وأنه لابد أن يطورها ويعلو بها.. وهذا أمر أولى ..ثم لابد أن يعتقد أنه قادر على أن يكون من سكان القمم رابعا : قراءة سير سلف هذه الأمة , أهل الاجتهاد ممن سكنوا القمم .. الذين صان الله بهم هذا الدين .. إنها خير وسيلة لإشعال العزائم , وإثارة الروح الوثابة , وقدح المواهب , وإذكاء العز مات , وتقويم الأخلاق , والتسامي إلى معالي الأمور والترفع عن سفا سفها ,.. إن قراءة سير النبغاء و الصلحاء , والتملي في اجتلاء مناقب الصالحين الربانيين ..خير مهماز لرفع الهمم , وشد العزائم , وسمو المقاصد , وإنارة القلوب , وإخلاص النيات , وتفجير النبوغ والطاقات , والصبر على اجتياز العقبات .. إن أخبار العلماء العاملين , والنبهاء الصالحين , تغرس الفضائل في النفوس.. وتدفعها إلى تحمل الشدائد والمكاره في سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة , وتبعثها إلى التأسي بذوي التضحيات والعز مات , لتسمو إلى أعلى الدرجات واشرف المقامات .. وقد قيل قديما : الحكايات جند من جنود الله عز وجل يثبت الله بها قلوب أوليائه , قال الله تعالى ( وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) (هود:120) .. قال الإمام ابن الجو زى رحمه الله تعالى ( لو قلت انى طالعت عشرين ألف مجلد , كان أكثر , وأنا بعد في الطلب .. فاستفدت بالنظر فيها.. من ملاحظة سير القوم ..وقدر هممهم وحفظهم وعبادتهم وغرائب علومهم .. مالا يعرفه من لم يطالع .. فصرت أستذرى ما الناس فيه .. واحتقر همم الطلاب ولله الحمد ) انتهى كلامه رحمه الله خامسا : مصاحبة بعض من سكن القمم , إذ كل قرين بالمقارن يقتدي .. والنظر في أحواله , وما هو عليه , وكيف يختصر له الزمان اختصارا .. هذا من أعظم البواعث على علو الهمة .. لان البشر قد جبلوا على الغيرة والتنافس ومزاحمة بعضهم بعضا .. وحب المجاراة في طبائع البشر أمر لا ينكر .. فاتخذ من سكان القمم أعوانا , واخلط نفسك مع الأبرار , وطهرها من الفجار , واجتنب الصغار الأخطار.. فالمرء يعرف بقرينه .. فاصحب من يحملك في سيرك إلى الله.. لا من تحمله .. من يعظك بلحظه قبل أن يعظك بلفظه......( ولا تتخذ بالسير رفقة قاعد *** ودعه فان الشوق يكفيك حاملا ) سادسا : مراجعة جدول أعمالك اليومي ومراعاة الأولويات , الأهم ثم المهم .. وهذا أمر مفيد في باب تطوير الهمة , إذ كلما كان ذلك الجدول بعيدا عن الرتابة والملل .. كان أجدى في معالجة الهمة سابعا : التنافس والتنازع بين الشخص وهمته , فعلى مريد تطوير همته أن يضيف أعباء وأعمالا يومية لنفسه لم تكن موجودة في برنامج حياته السابق.. بحيث يحدث نوعا من التحدي في داخل نفسه بإنجاز ما تحمله من أعمال جديدة , ويجب أن تكون هذه الإضافة مدروسة بعناية وإحكام حتى لا يصاب الشخص بالإحباط واليأس ثامنا : العزم على الكمالات , فمن استوى عنده العلم والجهل , أو كان قانعا بحاله وما هو عليه , فكيف تكون له همة أصلا .. قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ( إن لي نفسا تواقة .. وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه .. فلما أعطيت مالا أفضل منه في الدنيا , تاقت إلى ما هو أفضل منه يعنى الجنة ) تاسعا : التحول عن البيئة المثبطة .. إن الماء يفسد بقربه من الجيف , وكذا الهواء .. فكيف بأنفاس العصاة ..! .. ألا تنظر إلى فعل المعصية بآبار ثمود بعد آلاف السنين لما مر عليها الصحابة وأرادوا أن يستسقوا منها منعهم الرسول صلى الله عليه وسلم , وأمرهم أن يلقوا بعجينهم إلى النواضح عاشرا : واقع المسلمين المر .. في تاريخ الأمم كبوات وعثرات وآلام , إلا أن الأمة الحية تنهض من كبوتها.. وتتجاوز آلامها , بل تكون هذه الآلام باعثا لها على العمل والجد والكفاح حتى النصر .. وفى تاريخ الأمة صعود وهبوط .. ضعف الرجال في فترات تاريخية ثم أنجبت الأمة رجالا غيروا مسار التاريخ .. وإذا كان تاريخ الأمة التي فضلها الله تعالى على غيرها من الأمم قد اختل .. فان الحاضر الماثل أمامنا اليوم يدل على مولد الكثيرين الذين يستعدون لحمل راية الإسلام , وتغيير مسار التاريخ من جديد .. إن الأحداث الجسام التي تمر بها الأمة , تبعث الهمة وتوقظ العزائم .. هذا تاريخ الإسلام يحكى أن حالات الضعف والتردي وتسلط الأعداء .. تحرك الأمة لكي تسترد التفكير السليم , والعمل الجاد الذي ترد به المعتدى , وتستعيد به عزها ومجدها .. في مثل هذه الأحداث تنجب الأمة أبطالا مجاهدين ..وعلماء عاملين .. عن انس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره ) رواه الترمذي .. وقال عليه الصلاة والسلام ( لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته ) رواه ابن ماجه .. ويقول عليه الصلاة والسلام ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها .. وان أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ) رواه مسلم الحادي عشر : الابتعاد عن كل ما من شانه الهبوط بالهمة وتضييعها .. إن كثير من الشباب له رغبة ملحة في أن يكون من سكان القمم , وبعضهم لا يدرى من أين يبدأ .. ولعل الانخراط في إحدى الجمعيات القائمة أو الهيئات المنتشرة أو اللجان المتاحة أو الجمعيات الاغاثية الواسعة .. أو جمعيات البر أو جمعيات تحفيظ القران الكريم .. أو بعض المؤسسات الخيرية أو غيرها .. لهو خير وسيلة لتفريغ طاقات أعداد من الشباب لا يدرون كيف يقضون أوقاتهم .. ولعل الأنسب أن يترك الشاب يختار لنفسه مجالا يبدع فيه ويبرز ويكون عطاؤه من خلاله .. فمن وجد من نفسه انصرافا للعلم وتحصيله فليقبل عليه .. ومن وجد منها ميلا للأعمال الخيرية والاغاثية فليشارك إخوانه .. ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) ( البقرة: من الآية 148) وأعلى مطلب تسمو له قلوب سكان القمم هو الجنة ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (المطففين:26) ... مطلب يستحق المنافسة .. وافق يستحق السباق .. والذين يتنافسون في شيء من أشياء الأرض , مهما كبر وجل , وارتفع وعظم.. إنما يتنافسون في شيء حقير .. فان قريب .. والدنيا لاتزن عند الله جناح بعوضة هزيلة .. فهون من شانها .. وارفع نفسك عنها ,, إياك إياك أن تكون ممن قال فيهم يحي بن معاذ الرازي رحمه الله ( عمل لسراب .. قلب من التقوى خراب .. وذنوب بعدد الرمل والتراب .. ثم تطمع في الكواعب الأتراب .. هيهات أنت سكران بغير شراب .. ما أكملك لو بادرت املك .. ما أجلك لو بادرت أجلك .. ما أقواك لو خالفت هواك .. يا هذا لقد أعظمت المهر وأسأت الخطبة ) .. إنها الجنة وقد اشتاق إليها الصالحون من هذه الأمة ممن سكنوا القمم .. فهذا عمير ..الصحابي الجليل في يوم بدر يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .. يقول عمير يا رسول الله .. جنة عرضها السماوات والأرض .. قال نعم .. فقال بخ بخ .. فقال النبي: ما يحملك على قول بخ بخ .. فقال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها .. فقال : فانك من أهلها .. فقال فاخرج ثمرات في قرنه , فجعل يأكل منهن ثم قال : لان أنا حييت حتى آكل ثمراتي هذه.. إنها لحياة طويلة .. قال فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه .. هذا نموذج من سكان القمم .. وهذا سيد بنى سلمة عمرو بن الجموح رضي الله عنه , كان رجلا أعرج شديد العرج .. فلما كان يوم احد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين .. فقام وهو أعرج فقال : والله انى لأرجوا أن أطأ الجنة بعرجتى هذه .. فقاتل حتى قتل رضي الله عنه .. وهذا خيثمة بن الحارث رضي الله عنه , إستهم يوم بدر مع ابنه سعد .. فخرج سهم سعد .. فقال له أبوه: يا بنى آثرني اليوم .. فقال له سعد : يا أبتى لو كان غير الجنة فعلت .. فخرج سعد إلى بدر فقتل فيها .. ومازال أبوه خيثمة يتطلع إلى الجنة حتى كان يوم أحد , فأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله لقد أصبحت مشتاقا إلى مرافقة ابني سعد في الجنة , وقد كبرت سني , ورق عظمى , وأحببت لقاء ربى , فادعوا الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعد في الجنة .. فدعا له النبي عليه الصلاة والسلام بذلك .. فقتل في احد شهيدا رضي الله عنه وأرضاه .. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في هذا المطلب العظيم لسكان القمم ( لما علم الموفقون ما خلقوا له .. وما أريد بإيجادهم .. رفعوا رؤؤسهم فإذا علم الجنة قد رفع لهم .. فشمروا إليه .. وإذا صراطها المستقيم قد وضح لهم .. فاستقاموا عليه .. ورأوا من أعظم الغبن بيع مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. في أبد لا يزول ولا ينفد .. بصبابة عيش .. إنما هو كأضغاث أحلام .. أو كطيف زار في المنام .. مشوب بالنغص .. ممزوج بالغصص .. إن اضحك قليلا .. أبكى كثيرا .. وان سر يوما .. أحزن شهورا .. آلامه تزيد على لذاته .. وأحزانه أضعاف أضعاف مسراته .. أوله مخاوف .. وآخره متالف .. فيا عجبا من سفيه في صورة حليم .. ومعتوه في متلاف عاقل .. آثر الحظ الفاني الخسيس .. على الحظ الباقي النفيس .. وباع جنة عرضها الأرض والسماوات .. بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات .. ومساكن طيبة في جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار .. بآطار ضيقة آخرها الخراب والبوار .. فوا عجبا لها .. كيف نام طالبها .. وكيف لم يسمح بمهرها خاطبها .. وكيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها .. وكيف قر للمشتاق القرار دون معانقة أبكارها .. وكيف قرت دونها أعين المشتاقين .. وكيف صبرت عنها أنفس الموقنين .. وكيف صدفت عنها قلوب أكثر العالمين .. وبأي شيء تعوضت عنها نفوس المعرضين ) انتهى كلامه رحمه الله تعالى .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من خاف أدلج.. ومن أدلج بلغ المنزل .. ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة )
يا سلعة الله لست رخيصة *** بل أنت غالية على الكسلانيا سلعة الرحمن ليس ينالها *** في الألف إلا واحد لا اثنانيا سلعة الرحمن ماذا كفؤها *** إلا أولوا التقوى مع الإيمانيا سلعة الرحمن سوقك كاسد *** بين الأراذل تفلة الحيوانيا سلعة الرحمن أين المشترى *** فلقد عرضت بأيسر الأثمانيا سلعة الرحمن هل من خاطب *** فالمهر قبل الموت ذو امكانيا سلعة الرحمن كيف يصبر *** الخطاب عنك وهم ذوو إيمانيا سلعة الرحمن لولا أنها *** حجبت بكل مكاره الإنسانما كان عنها قط من متخلف *** وتعطلت دار الجزاء الثانيلكنها حجبت بكل كريهة *** ليصد عنها المبطل المتوانىوتنالها الهمم التي تسمو *** إلى العلا بمشيئة الرحمناتعب ليوم معادك الأدنى تجد *** راحاته يوم المعاد الثانيوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , ,

يا له من دين لو كان له رجال

سلطان بن عبدالله العمري
يا له من دين لو كان له رجال دين عزيز دين عظيم يكفي أن الله اختاره لنا ( إن الدين عند الله الإسلام ) ورضيه لنا (ورضيت لكم الإسلام دينا ) كل الرسل جاؤا بالدعوة إليه دين يربط المخلوق بالخالق فيه يتصل العبد الفقير بالرب الغني فيه سعادة الروح وطمأنينة القلب فأين الناس؟؟ يدعو إلى جميل الأخلاق وأجمل الآداب يتربى في ظلاله على التعلق بالله تعالى من تمسك به فهو على نور من ربه ومن أعرض عنه فهو في ضلال عظيم وجد لذة التمسك به عباد صادقين فهل تعرف بلال؟؟ وسلمان وصهيب والزبير والبخاري ومسلم وسائر البشرية الصحابة من أجله سالت دمائهم في كل مكان يولد الواحد في المدينة ويقتل على أسوار القسطنطينية وأمام أسوار الصين فيا له من دين لو كان له رجال من أجله صبر العلماء والأولياء على أنواع من البلاء فذاقوا آلآم ولكن من المحن يخرج الرجال ومن التمحيص تكون الترقية في مدارج العبودية يجلد ابن حنبل ويسجن ابن تيمية فيا له من دين لو له رجال الشهداء من أجله هجروا كل شيء باعوا نفوسهم واشترى الله تقطعت لأجله أبدان ونزفت لأجله جروح ودمعت له عيون فيا له من دين لو كان له رجال في فلسطين صيحات وفي الشيشان حسرات وفي أندونسيا جراحات وفي البوسنة آهات أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطيرمقصوصا جناحاه دموع المسلمين تسيل في كل بلد والجراحات تنزف تحت كل سماء وفوق كل أرض فأين الرجال؟؟ عدد المنصرين في العالم (7000,000) سبعة ملايين فكم هم الدعاة ؟؟ أين الرجال؟ بين الغابات تذهب فتيات من أوربا وفرنسا لكي يمارسوا مهمة التنصير وهن نساء فأين الرجال؟؟ نساء يصبرن على الحرارة والأمراض في أدغال أفريقيا ونبحث عن الرجال ولا رجال إلا القليل فياله من دين لو كان له رجال

يا له من دين لو كان له رجال


سلطان بن عبدالله العمري
يا له من دين لو كان له رجال دين عزيز دين عظيم يكفي أن الله اختاره لنا ( إن الدين عند الله الإسلام ) ورضيه لنا (ورضيت لكم الإسلام دينا ) كل الرسل جاؤا بالدعوة إليه دين يربط المخلوق بالخالق فيه يتصل العبد الفقير بالرب الغني فيه سعادة الروح وطمأنينة القلب فأين الناس؟؟ يدعو إلى جميل الأخلاق وأجمل الآداب يتربى في ظلاله على التعلق بالله تعالى من تمسك به فهو على نور من ربه ومن أعرض عنه فهو في ضلال عظيم وجد لذة التمسك به عباد صادقين فهل تعرف بلال؟؟ وسلمان وصهيب والزبير والبخاري ومسلم وسائر البشرية الصحابة من أجله سالت دمائهم في كل مكان يولد الواحد في المدينة ويقتل على أسوار القسطنطينية وأمام أسوار الصين فيا له من دين لو كان له رجال من أجله صبر العلماء والأولياء على أنواع من البلاء فذاقوا آلآم ولكن من المحن يخرج الرجال ومن التمحيص تكون الترقية في مدارج العبودية يجلد ابن حنبل ويسجن ابن تيمية فيا له من دين لو له رجال الشهداء من أجله هجروا كل شيء باعوا نفوسهم واشترى الله تقطعت لأجله أبدان ونزفت لأجله جروح ودمعت له عيون فيا له من دين لو كان له رجال في فلسطين صيحات وفي الشيشان حسرات وفي أندونسيا جراحات وفي البوسنة آهات أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطيرمقصوصا جناحاه دموع المسلمين تسيل في كل بلد والجراحات تنزف تحت كل سماء وفوق كل أرض فأين الرجال؟؟ عدد المنصرين في العالم (7000,000) سبعة ملايين فكم هم الدعاة ؟؟ أين الرجال؟ بين الغابات تذهب فتيات من أوربا وفرنسا لكي يمارسوا مهمة التنصير وهن نساء فأين الرجال؟؟ نساء يصبرن على الحرارة والأمراض في أدغال أفريقيا ونبحث عن الرجال ولا رجال إلا القليل فياله من دين لو كان له رجال

الجمعة، يونيو 19، 2009

أمريكى يسلم بسبب ابتسامة

كتب: مهند مندور
يروي هذا الموقف الداعية المعروف الشيخ نبيل العوضي في محاضرة له بعنوان (قصص من الواقع). يقول الشيخ العوضي في حديثه عن هذه المواقف قائلا: احد الدعاة يحدّث بنفسه, يقول: كنت في امريكا القي احدى المحاضرات, وفي منتصفها قام احد الناس وقطع عليّ حديثي, وقال: يا شيخ لقن فلانا الشهادتين ،, ويشير لشخص امريكي بجواره, فقلت: الله أكبر, فاقترب الامريكي مني أمام الناس, فقلت له: ما الذي حببك في الاسلام وأردت ان تدخله? فقال: أنا أملك ثروة هائلة وعندي شركات واموال, ولكني لم اشعر بالسعادة يوما من الايام, وكان عندي موظف هندي مسلم يعمل في شركتي, وكان راتبه قليلا, وكلما دخلت عليه رأيته مبتسما, وأنا صاحب الملايين لم ابتسم يوما من الايام, قلت في نفسي انا: عندي الاموال وصاحب الشركة, والموظف الفقير يبتسم وانا لا ابتسم, فجئته يوما من الايام فقلت له اريد الجلوس معك, وسألته عن ابتسامته الدائمة فقال لي: لانني مسلم اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله, قلت له: هل يعني ان المسلم طوال ايامه سعيد, قال: نعم, قلت: كيف ذلك? قال: لاننا سمعنا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (عجبا لامر المؤمن, ان امره كله خير, ان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له, وان اصابته سراء شكر فكان خيرا له) وأمورنا كلها بين السراء والضراء, اما الضراء فهي صبر لله, واما السراء فهي شكر لله, حياتنا كلها سعادة في سعادة, قلت له: أريد ان ادخل في هذا الدين قال: اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويعود العوضي لحديث الشيخ الداعية قائلا على لسانه: يقول الشيح: قلت لهذا الامريكي امام الناس اشهد الشهادتين, فلقنته وقال امام الملأ (أشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله) ثم انفجر يبكي امام الناس, فجاء من يريدون التخفيف عنه, فقلت لهم: دعوه يبكي, ولما انتهى من البكاء, قلت له: ما الذي أبكاك? قال: والله دخل في صدري فرح لم أشعر به منذ سنوات.ويعقب الشيخ العوضي على هذه القصة بقوله: انشراح الصدر لا يكون بالمسلسلات ولا الافلام ولا الشهوات ولا الاغاني, كل هذه تأتي بالضيق, اما انشراح الصدر فيكون بتلاوة القرآن الكريم والصيام والصدقات والنفقات {أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)

قصة


سأل عالم تلميذه: منذ متى صحبتني؟التلميذ: منذ ثلاثة وثلاثين سنة. …فقال العالم: فماذا تعلمت مني في هذه الفترة؟ !قال التلميذ: ثماني مسائل…قال العالم: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم إلا ثماني مسائل؟ !قال التلميذ: يا أستاذ لم أتعلم غيرها ولا أحب أن أكذب…فقال الأستاذ: هات ما عندك لأسمع…قال التلميذ:الأولي :أني نظرت إلي الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا فإذا ذهب إلي القبر فارقه محبوبةفجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخلت معي .الثانية:أني نظرت إلي قول الله تعالي : ‘ وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى فإنالجنة هي المأوى ‘ فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت علي طاعة الله .الثالثة :أني نظرت إلي هذا الخلق فرأيت أن كل من معه شيء له قيمة حفظه حتى لا يضيع ثمنظرت إلي قول الله تعالي: ‘ ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ‘ فكلما وقع في يديشيء ذو قيمة وجهته لله ليحفظه عنده .الرابعة:أني نظرت إلي الخلق فرأيت كل يتباهي بماله أو حسبه أو نسبه ثم نظرت إلي قولالله تعالي: ‘ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ‘ فعملت في التقوى حتى أكون عند اللهكريما .الخامسة:أني نظرت في الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض ويلعن بعضهم بعضا وأصل هذا كله الحسدثم نظرت إلي قول الله عز وجل: ‘ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ‘فتركت الحسد واجتنبت الناس وعلمت إن القسمة من عند الله فتركت الحسد عني .السادسة :أني نظرت إلي الخلق يعادي بعضهم بعضا ويبغي بعضهم علي بعض ويقاتل بعضهم بعضاونظرت إلي قول الله تعالي: ‘ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ‘ فتركت عداوة الخلق وتفرغت لعداوة الشيطان وحده ……….السابعة:أني نظرت إلي الخلق فرأيت كل واحد منهم يكابد نفسه ويذلها في طلب الرزق حتى انه قد يدخل فيما لا يحل له .ونظرت إلي قول الله عز وجل: ‘ وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها ‘ فعلمت أني واحد من هذه الدواب فاشتغلت بما لله عليّ وتركت ما لي عنده .الثامنة :أني نظرت إلي الخلق فرأيت كل مخلوق منهم متوكل علي مخلوق مثله , هذا علي ماله وهذا علي ضيعته وهذا علي صحته وهذا علي مركزه .ونظرت إلي قول الله تعالي ‘ ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ‘ فتركت التوكل علي الخلق واجتهدت في التوكل علي الله .فقال الأستاذ: بارك الله فيكخذ ستين ثانيه من وقتك فقطوحاول القيام بما يليانشــــــــــــرولنرى إن كان الشيطان قادرا على إيقاف هذا الأمر :سبحان اللهالحمد للهلا اله إلا اللهمحمد رسول اللهالله اكبراللهم صل وسلم وباركعلى نبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبهانشـــــــــــــروبعد ذلك قم بإرسال هذه الرسالة إلى أصدقائكوبعد بضع ساعات تكونجمعت حسنات كثيرة جدالأنك سبب في قيام الناس بذكر الله عز وجل

كيف تكسب قلبا

عيسى بن مانع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الحاجة إلى كسب قلوب الناس أصبحت ضرورة ملحة في زمن قل فيه المعين. وقل فيه التابع والرفيق. فالمعلمون و الآباء والأمهات والدعاة والمصلحون بحاجة لامتلاك القلوب وأسرها ومن ثم التأثير والتغيير و الإصلاح. • فكيف تكسب قلباً؟ اقرأ هذه القواعد المهمة و راجعها من وقت لآخر وتجد لها الأثر بإذن الله: 1. أصلح ما بينك وبين الله يصلح ما بينك وبين الناس. 2. ضع نفسك في مكان الآخرين ثم أسمعهم من الكلام ما تحب أن تسمع وتصرف معهم كما تحب أن يعاملك به الآخرون. 3. اظهر اهتمامك بالناس الآخرين , في الهيئة والجلسة والاستماع و توجيه جميع الجوارح للشخص الأخر. 4. ابتسم..........ابتسم..............ابتسم. 5. لا تنتقد أحداً. النقد الجارح أو العقيم في أمور الدنيا, أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون بالأسلوب الحسن الرفيق. 6. تذكر أن اسم الإنسان وكنيته أغلى و أهم الأسماء بالنسبة له. 7. كن مستمعاً لبقاً , وشجع الآخرين للتحدث عن أنفسهم. 8. تحدث عن الأمور التي هي موضع اهتمامهم ومدخلاً إلى قلوبهم. 9. كن مخلصاً في تقديرك وكريماً في مدحك. 10. اسألهم عن آرائهم ومقترحاتهم في المواضيع المشتركة واستشرهم في المواضيع الخاصة. 11. كن لماحاً , كأن تثني على لباس الشخص أو جواله أو ساعته أو غترته, وكأن تقول مثلاً:"ما شاء الله اليوم عريس!" أو تبدي إعجابا بشيء يملكه وتسأل عن هذا الشيء باهتمام. 12. احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز. 13. اختر كلماتك بعناية خصوصاً في أول لقاء وكن متهللاً عند الكلام واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه و إن كانت كلماتك كالنسيم. 14. رصع حديثك بالنكت والطرائف والأمثال ولا تجعلها تطغى على حديثك ولا تقل إلا حقاً. 15. إفشاء السلام و رد التحية مفتاح لكل قلب. 16. البساطة وعدم التكلف في التعامل. 17. مظهرك النظيف الجذاب , وأسنانك وفمك وبدنك الطاهر تريح التعامل معك ولا تنفر منك. 18. اهتم بالتواصل الجسدي بأن تشد بحرارة على يده أثناء السلام ولا تسحبها قبله. إذا مشى بجانبك وترى من المناسب أن تمسك بيده حال المشي فافعل. احتضن وعانق من وصل من السفر. ربت على الكتف فالتواصل الجسدي له أثر عجيب على النفوس. هذا الموضوع جمعته من عدة كتب و مصادر ومن تجارب شخصية ودورات تطويرية فلا تنسونا من دعائكم , فلكم مثل ما تدعون لأخيكم.......... وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.

الخميس، يونيو 18، 2009

الطعام الصحى

ماهو الطعام الصحي ؟؟ .. نسمع كثيرا عبارة ( الطعام الصحي ) ، فيقال مثلا : (( لكي تحيا بدون أمراض عليم بالطعام الصحي )) .. !فما هو الطعام الصحي ؟ وما الطعام الغير الصحي ؟ الطعام الصحي هو ذلك الطعام الذي يمد الجسم بالعناصر الغذاية الضرورية لنموه ... ووقايته من الأمراض ...شرط أن تكون السعرات الحرارية التي نتناولها تعادل الطاقة المستهلكة لنمو أجسامنا ، فـــلاتزيد ولا تنقص عنها ... فإذا زادت ، تحول الفائض منها إلى دهون ، تتراكم في أجسامنا ، وفي أوعيتنا الدموية مسببة المتاعب الصحية ...وإن قلّت ، سبب لنا الضعف والهزل لأن الجسم يفقد الحد الأدنى من الطاقة اللازن لحياته :لذلك ، فقد اهتم العلماء بالتغذية الصحية والطعام الصحي ... فقاموا بتفسم الأغذية إلى سبع مجموعات رئيسية ... يتم تناول حصص محدودة من كل مجموعة ، بعد تحديد عدد الحصص حسب السعرات المفروضة والهدف المرجو من البرنامج الغذائي المناسب لنا ...وهذه المجموعات هي :1- مجموعة الخبز والحبوب .2- مجموعة الخضروات .3- مجموعة الفاكهة .4- مجموعة الحليب ومنتجات الألبان .5- مجموعة اللحوم والأسماك .6- مجموعة البقوليات والمكسرات .7- مجموعة الدهون والزيوت والسكريات .كــيف نـحـــصل عـلـــى طـعــام صـحــــي ؟!للحصول على طعام صحي يجب اتباع الخطوات التالية : * الاقلال من تناول الأغذية الغنية بالصوديوم .* الإكثار من تناول الحبوب الكاملة ، والخضر الورقية الخضراء والبقوليات . * الإكثار من تناول السلطات التي تتكون من الخضروات الطازجة .* الإقلال من تناول الصلصات الدسمة الجاهزة ( المايونيز - المسطردة - الكاتشب ) * تناول مصادر غنية بالحديد .* الإكثار من تناول أغذية غنية بالكالسيوم .* الإقلال من تناول السكريات والنشويات .* الإقلال من تناول الأغذية المملحة والخللة والمدخنة .هـل الـســوائـل مـهـــمـة لأجسامنا ؟! تتكون أجسامنا من 70% من الماء الذي يقوم بمهام كثيرة ... منها :* المساعدة على هضم الطعام وتذويب المغذيات لتتمكن من المرور عر جدران الأمعاء لتصل إلى الأمعاء .* حمل الفضلات خارج الجسم .* تهيئة وسط تجري فيه العمليات الحيوية بالجسم .* تنظيم حرارة الجسم . المحافظة على شكل الخلايا ومنعها من الانكماش .ولأن الإنسان لايحتفظ بالماء .. بل يفقده عن طريق البول ، البراز ، العرق ، التنفس ( بخار الماء) ...فيجب عليه تناول المزيد منه ، بما لايقل عن ستة أكواب يومياً .لـمـــــــاذا يـــزيــــــد وزنــــــــــــــــــي ؟! يستغرب الكثير منا لزيادة وزنه رغم أنه لا يتناول كميات كبيرة من الطعام ..لكن الذي قد يغيب عنـا ، أن تناول الأطعمة عالية السعرات بين الوجبات يساعد على زيادة الوزن !ولتجنب زيادة الوزن ، يجب أن تتناول الأطعمة قليلة السعرات والغنية بالألياف حتى ولو بين الوجبات .. فهي تساعد على تقليل شهيتك للوجبة التالية .وتنظيم الطعام بين الوجبات ضروري لتجنب زيادة الوزن ... فيمكنك اختيار بعض الأطعمة ، وتوزيعها على وجبتين :الأولى : بين الإفطار والغداء ، والثانية : بين الغداء والعشاء ...ومن الأمثلة الجيدة للوجبات الخفيفة :* كوب من حليب قليل الدسم .* حبة من الفاكهة .* نصف كوب من العصير الطازج + خضروات .* 2 قطعة صغيرة من البسكويت بدون زبدة .

الثلاثاء، يونيو 16، 2009

أيتام على مائدة أوباما

د/ راغب السرجانى
سأل موظف رئيسه في العمل: هل يمكن أن ندخِّن السجائر ونحن نعمل؟ فثار الرئيس وقال: هذا إهمال جسيم، وتضييع لوقت العمل. فذهب الموظف، وجاء آخر يقول لرئيسه: هل نستطيع أن نعمل ونحن ندخن؟ فقال الرئيس: بالطبع تستطيعون، وأنا أقدِّر لكم حرصكم على العمل في كل أوقاتكم، حتى وأنتم تدخنون!!
لقد حدثت مشكلة التدخين في الحالتين، بل لعلَّ الوضع سيكون مزريًا بصورة أكبر؛ لأنّ الموظفيْن حصلا على موافقة صاحب العمل، والفارق بين الموقفيْن هو أسلوب العرض، لكن النتيجة واحدة، وقد تم خداع صاحب العمل، وأقرَّ بالتدخين في داخل شركته!
هذا هو ما حدث في زيارة أوباما الأخيرة لمصر!
لم يحدث أي اختلاف في الاستراتيجية الأمريكية، ولا في الأهداف العليا للدولة، ولكن الذي اختلف هو التكتيك والخُطّة، فالجميع: بوش وأوباما ومَن قبلهما يتجهون إلى نقطة واحدة، ولكنْ كلٌّ منهم بطريقته، وإذا انخدع المسلمون بما يفعل الرؤساء الأمريكيون فهذا خطأ المسلمين في المقام الأول.
إرسال جنود أمريكان إلى أفغانستانلقد أعلن أوباما في منتهى الوضوح والصراحة أنه يرأس أمريكا، ومن ثَمَّ فهمُّه الأول أن يحفظ أمنها واستقرارها، وأن يحقق مصالحها قدْر ما يستطيع، وهذا أمرٌ لا يلومه عليه أحد. ثم إنه تطوّر في الصراحة، وقال في منتهى الوضوح: إن علاقة أمريكا بإسرائيل علاقة ثابتة غير قابلة للانكسار، وأن الجذور التي بينهما تاريخية. وهذا الإعلان في هذا المكان عجيب، حيثُ تجاهلَ تمامًا أنه يخطبُ مِنَ القاهرة، وتجاهل أنه يخاطبُ العالمَ الإسلاميَّ. وهذا التجاهلُ متعمَّد؛ فهو يريدُ للمخدوعين أن يفهموا هذه الحقيقة جيدًا، وأن يدركوا أن أصولَه الإسلامية الإفريقية لا تعني شيئًا بالمرَّة، بل إنَّه أعلن بوضوح أنّه مسيحيٌّ متمسك بالمسيحية. وفوق ذلك فقد أدخل - بلا داعٍ - موضوعَ المحرقة اليهودية في أوربا، زاعمًا أنّ الذي ينكرها جاهلٌ، ولا ندري لماذا يُدخِل مثل هذه النقطة في حواره مع المسلمين؛ فالذين قاموا بالمحرقة - إن كانت حدثتْ على النحو الذي يصفون - نازِيُّون ألمان، فما دخْل المسلمين بهذا؟! وإذا كانت فعلاً ألمانيا تجنّت على اليهود فلماذا لم تقطعوا جزءًا من ألمانيا وتقيموا فيه دولة إسرائيل؟!

التراث اليهودي الأمريكيإن إدخال أوباما لهذه النقطة في حديثه لكي يُعلِن لنا أنّه صهيوني حتى الثُّمَالة، وقد وعدَ في برنامجه الانتخابي أن يجعل إسرائيل أقوى دولة في الشرق الأوسط، وكان منذ شهر واحد في أمريكا يحتفل بالتراث اليهودي الأمريكي، وقال في هذا الاحتفال: إنه لولا جهود اليهود لما كانت أمريكا على المستوى الذي هي عليه الآن.
إن الرؤية واضحة جدًّا في عين أوباما.. إنها المصلحة الأمريكية والمصلحة الصهيونية، بل إن المصلحة الصهيونية قد تسبق المصلحة الأمريكية، وراجعوا مقالاً سابقًا لي بعنوان
"مصلحة أمريكا أم مصلحة اليهود؟"؛ حيث يظهر لنا بوضوح مدى تضحية الأمريكيين لصالح أمنِ وقوّة الصهاينة، أما المصلحة العربية أو الإسلامية فهي ليست في الحسبان، بل تستطيع أن تقول: إنهم ضدُّ هذه المصلحة حتى إن لم تضرهم؛ لأنّ قوة المسلمين تمثِّل خطرًا داهمًا عليهم، ومن ثَمَّ يصبح إضعاف المسلمين دينيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا أحد الأهداف الرئيسية لأمريكا واليهود.
والآن ماذا يريد أوباما منا؟!
خطاب أوباما للعالم الإسلاميلقد خطب أوباما بلباقة، وصاغ كلماته بحِرَفِيّة عالية، واستشهد بآيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول العظيم r، وطلب بعد هذا الأداء من المسلمين أن يتعاونوا معه في أمورٍ تهدف إلى السلام والمودّة والمحبّة بين الشعوب!
ما هذه الأمور يا سيادة الرئيس؟!
إنّه يطلب أولاً إقامة دولتيْن: فلسطينية ويهودية.
ونتساءل: وهل هذا جديد؟! لقد أعاد صياغة الأوهام التي عشنا فيها ستةَ عشرَ عامًا كاملة، ونذكِّر الأمّة الإسلامية التي أصابتها حالة من النسيان الجماعي بخريطة الطريق، ونذكِّرهم أنّ الذي كان يرعاها كان الرئيس السابق جورج بوش، ونذكرهم أن بوش كان في كل خطاباته مؤيدًا لحل الدولتين، وكذلك كلينتون من قبلُ؛ فأوباما إذن لم يأْتِ بحلٍّ سحريٍّ عجيب، لكنّ السؤال الأهم: هل هذا الحل مُرْضٍ للمسلمين؟ وهل يجب أن نصفّق ونسعد ونهتف بحياة أوباما أنّه سيقف وراء إعطاء الفلسطينيين أقل من 20% من أرض فلسطين؟!
لقد ذكّرني هذا الموقف بطُرفة يقولون فيها: إنَّ أحد كبار قُطّاع الطريق سرق من أحد المساكين بيته وماله وحماره، فأخذَ المسكينُ يصرخُ وينتحبُ، فأشار عليه أحد رجال العصابة أن زعيم العصابة طيِّب، ولو شرحت له حالتك فسوف يُعيد لك حقك، وشرح المسكين حالته، ووعده زعيمُ العصابة أن يُعيد له يومًا ما الحمار، لكنْ عليه أنْ ينسى الدارَ والمالَ، فخرج المسكينُ يهتف: يحيا العدل.. يحيا العدل!!
جيمس بيكر وزير خارجية أمريكايا أمتي.. لا ينبغي لكِ أن تكوني مسكينة!!
هل كان يقبلُ صلاحُ الدين بدولة صغيرة في عكا أو حيفا أو القدس ويترك بقية فلسطين للصليبيين؟! أنا أعلم أن زعماءنا ليس فيهم صلاحٌ، ولكنْ علينا أن نعرف على الأقل ما هو حقنا، وأين هي مصلحتنا، حتى وإن كنا غير قادرين على تحقيقها.
ثم خبِّروني يا عقلاء المسلمين: ما هي الدولة الفلسطينية التي سيقيمها أوباما إلى جوار إسرائيل؟ وما هي مواصفاتها؟ هل تعتقدون أنها ستكون دولةً حرّة مستقلة لها جيشها القوي، ودبابات وطائرات وأسلحة ومتفجرات؟ هل سيكون لها اقتصاد متماسك؟ هل سيُسمح لأهلها بالتحرُّك بحرية أمْ أن الأنْفَاق والجسور التي تربط بين أراضي هذه الدولة المزعومة ستكون تحت سيطرة اليهود؟!

المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةإن المحللين يقولون: إنّه يستحيلُ الآن في ظل المستوطنات الكثيرة في الضفة الغربية وغزة أن تقوم دولة فلسطينية، وإن كان أوباما يطالب بوقفِ الاستيطان، فقد طالب به غيره قبل ذلك بوقف المستوطنات، وبشكل أكبر، مثل جيمس بيكر وزير خارجية جورج بوش الأب، ولكنَّ شيئًا لم يحدث، وحتى لو حدث ووقفت المستوطنات فالوضع الموجود الآن يعوِّق قيام أي دولة، ولا نرى هذا الأمر إلا مجرد تسكين للأمّة المكْلُومة؛ حتى تتوفر ظروف أفضل فيتم فيها السحق والإبادة كالمعتاد.
وماذا يريد أوباما أيضًا؟!
إنه يريد من حماس نفس الذي كان يريده بوش قبل ذلك، فهو يريد منهم الاعتراف بدولة إسرائيل، كما يريد منهم التخلِّي عن مقاومة المغتصبين.. هكذا ببساطة، ثم قال بتبجُّحٍ ظاهر: إنه لا يقبل أن تُلقى صواريخُ حماسٍ على عجائز إسرائيل، بينما
حصار وتدمير غزةلم يعلِّق البتَّة على حصار غزة مدَّة ثلاثة أعوام حتى الآن، وقصف غزة بالصواريخ والطائرات والبوارج، واستشهاد المئات، وجرح الآلاف، وتدمير البنية التحتية!! لقد اكتفى بقوله أنه يقدِّر المعاناة الفلسطينية على مدار ستين عامًا، وهذا ما كان يقدِّره كذلك بوش وكلينتون وغيرهما!!
وماذا أيضًا يا فخامة الرئيس؟!
لقد طلب أيضًا أن يتعاون معه المسلمون في حرب المتطرفين، فهو لا يحارب الإسلام والحمد لله، بل يحارب من تطرّف في الإسلام، ونسي الشيخ أوباما أنْ يذكر لنا مَن الذي سيحدد تطرُّفَ إنسان أو تفريطَ آخر، ومَن الذي سيفتي بتشدد واحد وتساهل غيره!! فالذين يقاومون الصهاينة في فلسطين لا شكَّ أنهم متطرفون في زعمه، والذين يحاربون الأمريكان في العراق لا شكَّ أنهم متشددون في تصَوُّره، والذين لا يرغبون في التواجد الأمريكي في أفغانستان وباكستان إرهابيون في تعريفه..
فالكارثة أصبحت مركَّبة؛ فأوباما لا يطلب من العالم الإسلامي أن يترك أبناءه لرصاص الأمريكان فقط، بل يطلب منهم أن يساعدوه في ذلك، وحُجَّته أن الله خلق الناس - كما يحكي القرآن الكريم - ليتعارفوا ويتعاونوا، فلنتعاون جميعًا على سحق من يرفضُ السلامَ من المنظور الأمريكي!!
إن أوباما كان يلقي هذا الخطاب، وصواريخه تدُكُّ سوات في باكستان لسحق "المتطرفين المسلمين"، وكان يلقي الخطاب وهو ينشر 17 ألف جندي في أفغانستان لمقاومة "الإرهابيين المتطرفين". ونسأله أن يجيب علينا بصدق: هل ستحرك جيوشك يومًا ما لحرب المتطرفين اليهود الذين لا يقبلون بحل الدولتين؟! أم أن الصواريخ لا تنزلُ إلا على رءوس المسلمين؟!
تدويل وتهويد القدسكما لا ننسى أن أوباما طالب بـ"تدويل القدس"؛ لأنها مدينة تهمُّ المسلمين والنصارى واليهود، مما يعني أنّ السيطرة الرسميَّة عليها - في رؤية أوباما - لا ينبغي أن تكون للمسلمين.
ولم ينسَ أوباما أن يذكر أن جيوشَه لن تخرج من العراق قبل آخر سنة 2011م، وتذكروا معي أن الجيوش الأمريكية عندما دخلت العراق سنة 2003م قالت: إن هذا الدخول مؤقَّت لعدة أشهر فقط، ثم أجَّلوا الخروج عامًا ثم عامين ثم أربعة، والآن يتأجل إلى سنة 2011م، وعندما تأتي هذه السنة نكون قد تعوَّدنا على وجود الأمريكان، فلا نطالب بخروج!
زيارة أوباما لمسجد السلطان حسنهذه - يا إخواني وأخواتي - بعض مطالب أوباما، وهذه هي خُطته، وتلك هي أهدافه، فما الجديد فيما قدَّم؟!
إنني لا أفزع مطلقًا من طلباته هذه، ولا أخشى أبدًا من تخطيطاته وتكتيكاته، فهذا شيء متكرر ومعهود في كل مراحل التاريخ الإسلامي. كما أنني لا أفزع كذلك من رؤية الركوع الرسمي والانبطاح الحكومي للدول العربية في مواجهة هذه الطلبات، فأنا أعلم أنّ أهداف أوباما تتفق تمامًا مع أهداف الزعماء العرب، فالجميع يرغب في تركيع حماس، والجميع يهدف إلى إقامة دولتيْن إحداهما صهيونية قويَّة، والأخرى فلسطينية هشَّة! والجميعُ يتفق على زعامة الرجالِ الذين يعلنون بوضوح خضوعهم لليهود والأمريكان، والجميعُ ضدّ الإسلاميين، بل إنني أقولها في صراحة: إن السجون العربية تمتلئ بأضعاف أضعاف الإسلاميين الذين تحتجزهم سجون أمريكا واليهود!!
لذلك فأنا لم أتعجَّب من التلميع الباهر لخطاب أوباما، ولم أتعجب من طلب الإحاطة الذي قدمه النائب مصطفى بكري يتساءل فيه عن إنفاق 500 مليون جنيه مصري للتجهيز لزيارة أوباما (حوالي 100 مليون دولار للتجهيز لزيارة 8 ساعات!)، ولم أتعجب من العنوان الرئيسي لإحدى الصحف حيث وصفت الرئيس الأمريكي بأوباما المنتظر! وصحيفة أخرى تشيد بأن الرئيس الأمريكي خلع "نعليه" وهو يدخل مسجد السلطان حسن!!
التصفيق الحاد لاستقبال أوبامالم أتعجَّب من كل ذلك، كما لم أتعجّب من حالة هيستريا التصفيق المستمر، فنحن نعلم جميعًا مَن هؤلاء الذين سُمح لهم بمقابلة الرئيس الأمريكي، وحظُوا بشرف الاستماع إلى صوته!
كل ما سبق لا يفزعني، ولا أستغرب له، ولكن الذي يفزعني حقًّا أن أرى كثيرًا من شباب الأمة ورجالها ونسائها قد تعلقت آمالهم به، حتى ظنوا أن هذا "بداية الخلاص"، وأن الحقبة القادمة ستكون ألطف كثيرًا، وأنه قد آن الأوان أن يقف ضدّ اليهود أحد الزعماء الأمريكان، وأن هذا الرجل الأسمر يقدِّر مشاعر الظلم التي يشعر بها المسلمون، كما أن جذوره الإسلامية سترقِّق قلبه علينا، خاصة أنه تلاعب بمشاعر المسلمين عندما ردَّد في خطابه بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
يا أمتي، أفيقي.. واقرئي التاريخ.
لقد خطب نابليون في مصر عندما دخلها محتلاًّ وقال: "يا أيها المصريون، قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين: إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أعبد الله سبحانه وتعالى أكثر من المماليك، وأحترم نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضًا لهم: إن جميع الناس متساوون عند الله، وإن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط"
[1].
هذا كلام نابليون عندما احتلَّ مصر، وكلكم يعلم ما ارتكبه بعد ذلك من الفظائع هو وجيشه في مصر وفلسطين.
ومن قبله قال فرديناند وإيزابيلا مثل هذا الكلام للمسلمين عند سقوط الأندلس، ووعدوا المسلمين بالحفاظ على ممتلكاتهم وأرواحهم ومساجدهم، ثم لم تمرَّ إلا سنوات قليلة، وقامت حملات الإبادة ومحاكم التفتيش، وانتهى الأمر بقتل كلِّ المسلمين أو ترحيلهم، وتحويل كل مساجد الأندلس إلى كنائس
[2].
ومن قبلهم كان هولاكو وزعماء التتار المجرمون يستشهدون بآيات من القرآن الكريم عند مخاطبتهم للحكام والشعوب الإسلامية، وهم الذين قالوا في رسائلهم لقطز رحمه الله: "باسم إله السماء الواجب حقه، الذي ملَّكنا أرضَه، وسلَّطنا على خلقه"، واستشهدوا في رسالتهم بقوله تعالى: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأحقاف: 20]، وكذلك بقوله: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227]
[3].
رسالة إلى أوباما
إنني في هذا المقال لا أقول مثلما قال الكثيرون: نريد أفعالاً لا أقوالاً، بل أقول: إن الأقوال التي قلتها يا أوباما ليست مقبولة أصلاً حتى نسألك أن تحققها.. فلا نحن نريد دولتين، ولا نحن نرضى بإسرائيل، ولا نحن نشجب المقاومةَ أو ندينُها، ولا نحن نرضى ببقاء جيوشك في بلادنا، ولا نحن نقبل بتعريفاتك للإرهاب والتشدُّدِ والتطرُّفِ، كما أننا لا نقبل بولاء زعمائنا لك وطاعتهم لأوامرك.
إننا يا فخامة الرئيس قومٌ أعزنا الله U بالإسلام، وأكرمنا به، وندرك يقينًا أننا مهما ابتغينا العزةَ في غيره أذلنا الله U. كما أننا - والله - أكثر شعوب الأرض حبًّا للسلام، ولكنِ السلام العادل الذي لا تضيع معه الحقوق، وتنتهك فيه الحرمات.
إن رسولنا r قال لنا: "قُولُوا: لاَ إلَهَ إلاَ اللَّهُ تُفْلِحُوا، وَتَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ، وَتَذِلُّ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ"
[4]، ونحن نوقن تمام اليقين في قوله، ونعلم أننا يوم نقول لا إله إلا الله بصدق، ويوم نحقِّقها في حياتنا يوم أنْ نفلح ونملك العرب والعجم.
ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبًا.
إنني أتوجَّه إلى الرئيس الأمريكي بكلمتين..
كلمة إلى أوباماأما الأولى فهي ألاّ يعتبر التصفيق الحاد الذي قوبل به في جامعة القاهرة تعبيرًا عن الشارع الإسلامي، فهؤلاء ليسوا إلا مجموعة منتقاة ما خرجت من بيوتها إلا لتصفِّق لك مهما كان كلامك! وهم – للأسف - كالأيتام على مائدتك، لا نصيب لهم من الطعام أو الشراب، إنما ينتظرون الفتات!
أما الكلمة الثانية فأقولها من قلبي، وأهمس بها في أذنك بكل أمانة: "حتى لو وصلت يا أوباما إلى كرسيِّ أكبر دولة في العالم، فإنّ هذا لا يمثل شيئًا أمام الإسلام الذي خسرته، وإنني - والله، وبكل صدق - أتمنى أن تعود إلى ما كان عليه أجدادُك المسلمون البسطاء في كينيا، والذين كانوا على خير عظيم، حتى وإن كانت قبيلتهم بسيطة على هامش التاريخ.
إنني أدعوك بكل صراحة وإخلاص وأقول لك: يا عظيم أمريكا، أدعوك إلى الإسلام، وأقول لك صادقًا: أسْلِمْ تَسْلَمْ، وأسلمْ يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأمريكيين!
والحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة.
ونسأل الله U أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
د. راغب السرجاني

كأنى أكلت

روائع من التاريخ العثماني
في كتابه الشيق "روائع من التاريخ العثماني" كتب الأستاذالفاضل "أورخان محمد علي" .. قصة أغرب اسم جامع في العالم : "هل سمع أحد بمثل هذا الاسم الغريب ؟ ( كأنني أكلت ) .
ولكن هذا هو اسم جامع صغير في منطقة "فاتح" في اسطنبول والاسم باللغة التركية "صانكي يدم" أي "كأنني أكلت" أو "افترض أنني أكلت"!! ووراء هذا الاسم الغريب قصة غريبة طريفة ، وفيها عبرة كبيرة. ثم يكمل الأستاذ أورخان قصة هذا الجامع فيقول:"كان يعيش في منطقة "فاتح" شخص ورع اسمه "خير الدين كججي أفندي"، كان صاحبنا هذا عندما يمشي في السوق ، وتتوق نفسه لشراء فاكهة ، أو لحم ، أو حلوى ، يقول في نفسه : "صانكي يدم" "كأنني أكلت" ثم يضع ثمن تلك الفاكهة أو اللحم أو الحلوى في صندوق له. ومضت الأشهر والسنوت ، وهو يكف نفسه ععن كل لذائذ الأكل ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئا فشيئا ، حتى استطاع بهذا المبلغ الموفور القيام ببناء مسجد صغير في محلته ، ولما كان أهل المحلة يعرفون قصة هذا الشخص الورع الفقير ، وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد ، أطلقوا على الجامع اسم "جامع صانكي يدم"



الاختلاف مهلكة

بقلم: حجازي إبراهيم
الاختلاف داء أهلك الأمم السابقة، وقد حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- أمته منه أشد التحذير، وبصورة متكررة، وأساليب متنوعة، وفي مواقف كثيرة، كما يبين ذلك العديد من الأحاديث النبوية ومنها:
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوني ما تركتكم؛ فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم".
وفي رواية لمسلم: "فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم".
وعن جندب بن عبد الله- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه".
وعن عبد الله- رضي الله عنه- أنه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ خلافها، فأخذت بيده، فانطلقت به إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: "كلاكما محسن، فأُقِرَا، أكبر علمي، قال: فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم".
وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7)﴾ (آل عمران).
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم".
عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: هجرت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومًا قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعرف في وجهه الغضب، فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".
الدروس والعبر
ونبدأ ببيان المحكم والمتشابه، لأنه منشأ الخلاف والاختلاف في الغالب.

1- المحكم والمتشابه:
يقول الإمام النووي: اختلف المفسرون، والأصوليون وغيرهم في المحكم والمتشابه، والصحيح أن المحكم يرجع إلى معنيين:
أحدهما: المكشوف المعنى الذي لا يتطرق إليه إشكال واحتمال، والمتشابه ما يتعارض فيه الاحتمال.
والثاني: أن المحكم ما انتظم ترتيبه مفيدًا إما ظاهرًا وإما بتأويل، وأما المتشابه فالأسماء المشتركة كالقرء، وكالذي بيده عقدة النكاح، وكاللمس، فالأول: متردد بين الحيض والطهر، والثاني: بين الولي والزوج، والثالث: بين الوطء والمس باليد ونحوهما، ويطلق على ما ورد في صفات الله تعالى، مما يوهم ظاهره الجهة والتشبيه، ويحتاج إلى تأويل، واختلف العلماء في الراسخين في العلم، هل يعلمون تأويل المتشابه وتكون الواو في ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ عاطفة، أم لا، ويكون الوقف على ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ﴾، ثم يبتدئ قوله تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ وكل واحد من القولين محتمل، واختاره طوائف والأصح الأول، وأن الراسخين يعلمونه؛ لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته، وقد اتفق أصحابنا وغيرهم من المحققين على أنه يستحيل أن يتكلم الله تعالى بما لا يفيد، والله أعلم.
ثم يقول: وفي هذا الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ وأهل البدع، ومن يتبع المشكلات للفتنة، فأما من سأل عما أشكل عليه منها للاسترشاد وتلطف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب، وأما الأول فلا يجاب، بل يُـزجر ويُـعزر كما عزر عمر بن الخطاب صبيع بن عسل حين كان يتبع المتشابه.
والأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن محمول عند العلماء على اختلاف لا يجوز، أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز، كاختلاف في نفس القرآن، أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو اختلاف يوقع في شك أو شبهة أو فتنة وخصومة أو شجار ونحو ذلك.
وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة، وإظهار الحق، واختلافهم في ذلك، فليس منهيًا عنه، بل مأمور به، وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة إلى الآن والله أعلم.

2- مجال الخلاف حول القيادة والمنهج:
إن الأحاديث السابقة حصرت مجال الاختلافات المهلكة في أمرين:
- الاختلاف على القيادة ويشير إلى ذلك بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "اختلافهم على أنبيائهم".
- الاختلاف على المنهج وإلى ذلك أشار بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "الاختلاف في الكتاب".
والناظر إلى الساحة الإسلامية الممتدة الأرجاء، يرى أن رحى الصراع تقوم حول هذين الأمرين اللذين حذرنا منهما الرسول- صلى الله عليه وسلم- وكم يكون النفع عظيمًا والخير عميمًا، لو أقلعت كل طائفة عن أهوائها، واستمسكت بحبل الله المتين، واعتصمت بهدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ورحم الله من قال: "نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، إنها لقاعدة ذهبية تجمع شمل الأمة، وتذيب الخلاف، وترفع الخصومات، وتزيل الأحقاد، وتجعل من المسلمين صفًا واحدًا في مواجهة أعداء كُـثر، وما ذلك على الله بعزيز، لو أن كل قائد أصبح رجلاً لينًا سهلاً، هينًا عليه أمر الدنيا، ونسي ذاته، وجعل همه علو كلمة الإسلام، ورفعة رايته، لا علوه هو، وانتشار صيته، وذيوع أمره، كما أن على الأفراد ألا تتعصب للأشخاص، وتتحزب للأسماء، وإنما تجعل غايتها نصرة الإسلام، وعودة العزة للمؤمنين، وما ذلك بالمستحيل، لو صدقت في عزمتها، وأخلصت في نيتها.
وليعلم المسلم أن التفاف القلوب حول القيادة هو الذي يمنحها القوة، وكما يقولون: إن رئيس الحكومة القوي هو الذي يكون من حوله جهاز استشاري قوي في كل التخصصات.
3- تحذير من القرآن:
والقرآن الكريم يحذرنا من الاعتراض على القيادة حين يقص علينا مسلك بني إسرائيل حيث قالوا فيمن اختاره لهم الله، وبعثه إليهم: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)﴾ (البقرة).
وتأمل سبب الاعتراض، والذي إن دل على شيء، فإنما يدل على الجهل التام بالخصائص التي يجب أن تتوفر في قادة الجيوش، والتي لخصها القرآن في بسطة في العلم والجسم فهذه فقط هي التي تنفع في الميدان، وتجدي في مواجهة الأعداء.
4- اعتراض على اختيار الرسول- صلى الله عليه وسلم-:
كما طعن بعض المسلمين في اختيار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد- رضي الله عنهما- فعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: "أمّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أسامة على قوم فطعنوا في إمارته، فقال: "إن تطعنوا في إمارته، فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقًا للإمارة، وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده".

5- إياك والمسائل التي لا ينبني عليها عمل:
هذا بخصوص القيادة، أما بخصوص المنهج، فقد سبق الحديث عن المحكم والمتشابه، والقول الصحيح في ذلك، وللمسلم أن يعلم أن القرآن الكريم أنزل لتتآلف من حوله القلوب، وتتلاق الأفئدة على مائدته، والمسلمون يجتمعون عليه تلاوة وفهمًا وتدبرًا، فإذا أدت تلاوته إلى تنازع وتخاصم حول معانيه، فإنهم يلتزمون بوصية النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه".
والخلاف الذي يقع بين المسلمين في أمور الدين غالبًا، وفي الأكثر ما يكون حول قضايا لم يخض فيها السلف في الأعم الأغلب، كما أن القليل منها حول بعض النوافل، والباقي في مسائل لا يترتب عليها أي عمل، ولكنها من باب الترف العلمي.
وما أحسن المقدمة الخامسة في موافقات الشاطبي وفيها يقول: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعا".
والدليل على ذلك استقراء الشريعة فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملاً مكلفًا به، ففي القرآن الكريم: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ (البقرة: من الآية 189).
فوقع الجواب بما يتعلق به العمل، إعراضًا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال: لم يبدو في أول الشهر دقيقًا كالخيط ثم يمتلئ حتى يصير بدرًا، ثم يعود إلى حالته الأولى.

6- الفرقة قاتلة:
وهذا موقف للنبي- صلى الله عليه وسلم- يغضب فيه من الصحابة حين رأى منهم فرقةً واختلافًا، فعن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة جاءته جهينة، فقالوا إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك وتؤمنا، فأوثق لهم، فأسلموا. قال فبعثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رجب، ولا نكون مائة، وأمرنا أن نغير على حي من بني كنانة إلى جنب جهينة، فأغرنا عليهم، وكانوا كثيرًا فلجأنا إلى جهينة، فمنعونا، وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام، فقلنا: إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام. فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ فقال بعضنا: نأتي نبي الله- صلى الله عليه وسلم- فنخبره، وقال قوم: لا بل نقيم هاهنا، وقلت أنا في أناس معي بل نأتي عير قريش فنقتطعها فانطلقنا إلى العير، وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئًا فهو له، فانطلقنا إلى العير، وانطلق أصحابنا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبروه الخبر، فقام غضبانًا محمر الوجه، فقال "أذهبتم من عندي جميعًا، وجئتم متفرقين، إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلاً ليس بخيركم، أصبركم على الجوع والعطش". فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي فكان أول أمير أُمر في الإسلام.
وبعد:
فهل آن للمسلم أن يكون ميسرًا مبشرًا مطواعًا؟
وهل آن للمسلم أن ينبذ الاختلاف والتعسير والتشديد والتغالي في الدين الذي لا يقطع أرضًا ولا ظهرًا يبقي؟
وهل آن للمسلمين أن يتلاقوا على فرائض الدين وشرائعه التي لا يختلف عليها اثنان، وأن يتركوا مواطن الاختلاف، ولكل أن يأخذ بما يقوي دليله عنده، ويطمئن إليه قلبه، دون أن ينكر أحدهما على الآخر؟
وهل آن أن يكون من بيننا من يقول للمختلفين كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "كلاكما محسن، فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم"؟

الاثنين، يونيو 15، 2009

أين أنت من هذه الكلمات

جرت مسالة في المحبة بمكة شرفها الله أيام الموسم فتكلم الشيوخ وكان أصغرهم الجنيد فقالوا هات ما عندك يا عراقي فاطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال " عبد ذاهب عن نفسه .... متصل بذكر ربه.... قائم بأداء حقوقه.... ناظر إليه بقلبه
أحرقت قلبه أنوار هيبته.... وصفا شربه من كاس وده .... وانكشف له الجبار من أستار غيبه ....فان تكلم فبالله وان نطق فعن الله وان تحرك فبأمر الله وان سكن فمع الله فهو بالله ولله ومع الله "
فبكي الشيوخ وقالوا ما علي هذا مزيد
والله اكبر ولله الحمد

الأحد، يونيو 14، 2009

المسجد والجماعة فى حياة المسلم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
الجماعة في المساجد عنوان الهداية والصلاح
قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18)﴾ (التوبة)، وأخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ".

إلى هذا الحد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظرون إلى جماعة المسجد على أنها فرقان بين المؤمن والمنافق، وكان المريض منهم يُحمَل إلى المسجد حملاً وهو غير قادر على المشي!.

والأدلة على فضل جماعة المسجد كثيرة لا تخفى عليكم أيها الإخوان المسلمون، حتى إن أحد الصحابة كان منزله أبعد ما يكون عن المسجد، فقيل له: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ! قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ".

ضيافة روحية
إن السائر إلى المسجد للصلاة يمشي ذهابًا وإيابًا في ضيافة الله، وأكرم بها من ضيافة تمتلئ منها القلوبُ سكينةً، وتؤوب منها الأرواحُ راضيةً سعيدةً، وتنقلب منها الصدورُ منشرحةً مسرورةً، وقد قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ" (متفق عليه)، وذكر صلى الله عليه وسلم الْكَفَّارَاتِ فقال: "الْكَفَّارَاتُ: الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (الترمذي).

الله يفرح بعبده المعتاد على المسجد والجماعات:
قال صلى الله عليه وسلم: "مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِم" (ابن ماجة).

حذار من الصلاة في البيوت وهجران المساجد!!:
لهذا كان من توجيهات الإخوان: المحافظة على صلاة الجماعة، وإعمار المساجد بالذكر والصلاة، وعدم التماس الرخص لترك الجماعة في المسجد إلا لعذرٍ قاهرٍ، فقد اشتكى ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأعمى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كِبَر سنه وعمى بصره وفقد القائد الملازم، فقَالَ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ"؟ قال: نَعَمْ. قَالَ: "مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً" (ابن ماجة).

ولذلك فإن عليك أيها الأخ المسلم أن تخرج إلى المسجد لصلاة الجماعة، مهما تكن الظروف، ولو غلب على ظنك أنك لن تدرك الجماعة الأولى؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلاَّهَا وَحَضَرَهَا، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئًا" (أبو داود).

المسجد وصلاة الجماعة أهم مسارات الدعوة:
إن دعوتنا أيها الإخوان هي دعوة الإسلام التي تنطلق من المسجد؛ حيث ترتبط القلوب وتتحابُّ في الله، وقد كان مما يوصي به الإمام حسن البنا رحمه الله الإخوانَ في كل شعبة أو منطقة لزيادة الترابط؛ أن يحرصوا على صلاة الفجر معًا جماعةً مرةً كل أسبوع على الأقل في المسجد.

كما أن صلاة الجماعة التي نؤديها في اليوم خمس مرات ليست إلا تدريبًا يوميًّا على نظامٍ اجتماعيٍّ عمليٍّ، امتزجتْ فيه محاسنُ النظم المختلفة؛ إذ يحقق معنى المساواة، ويقضي على الفوارق والطبقات والعنصرية، ويحقق الوحدة والنظام في الإرادة والمظهر على السواء، ويُعَوِّد المؤمنَ على تصويب المخطئ حتى لو كان هذا المخطئ هو الإمام، ويعوِّد الإمام المخطئ على تصحيح خطئه والنزول عند الصواب، أيًّا كان من أرشده إليه، فماذا بقي بعد ذلك للنظم المختلفة من فضلٍ على الإسلام وقد جمع محاسنها جميعًا واتقى كل ما فيها من سيئات؟!

ثم إن المحافظة على الجماعة تغرس في المؤمن روح الإيجابية، وتنزع منه صفة السلبية واللا مبالاة، وتدفعه إلى التحقق بالإسلام عمليًّا، والعمل له وإرشاد الدنيا إلى سبيل الخير الذي جاء به، يقول الأستاذ البنا: "ومن هنا أيها الإخوة رأينا أخلاء المسجد، وأنضاء العبادة، وحفظة الكتاب الكريم، بل وأبناء الروابط والزوايا من السلف رضوان الله عليهم؛ لا يقنعون باستقلال بلادهم، ولا بعزة قومهم، ولا بتحرير شعوبهم، ولكنهم ينسابون في الأرض، ويسيحون في آفاق البلاد، فاتحين معلمين، يحررون الأمم كما تحرَّروا، ويهدونها بنور الله الذي اهتدوا به، ويرشدونها إلى سعادة الدنيا والآخرة، لا يَغُلُّون ولا يغدرون، ولا يظلمون ولا يعتدون، ولا يستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".

فإلى المساجد أيها الأحباب، اعمروها بالجماعات والصلوات والذكر والقرآن، واختلطوا فيها بالكرام من جماهير أمتكم، وانطلقوا منها بالدعوة والتوجيه والإرشاد للدنيا بأسرها، وعودوا إليها مع كل نداءٍ بالصلاة تغسلون أرواحكم، وتستأنفون حركتكم ونشاطكم، والله معكم، ولن يتركم أعمالكم.

وإلى لقاء آخر مع (حديث من القلب) أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم.
والله أكبر ولله الحمد

عبادة التفكر والتدبر

أمر الله -تعالى- بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى، وأثنى على المتفكرين، فقال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). وعن عطاء قال: انطلقت يومًا أنا وعُبيد بن عُمير إلى عائشة -رضي الله عنها- فكلمتنا وبيننا وبينها حجاب، فقالت: يا عُبيد، ما يمنعك من زيارتنا؟ قال: قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "زُرْ غبًا تزدد حبًا"،قال ابن عُمير: فأخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال: فبكت، وقالت: كل أمره كان عجبًا؛ أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ثم قال: "ذريني أتعبد لربي –عز وجل-، "فقام إلى القربة فتوضأ منها ثم قام يصلي، فبكى حتى بلَّ لحيته، ثم سجد حتى بلَّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يُؤذنه بصلاة الصبح، فقال: يا رسول الله، ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالى عليَّ في هذه الليلة: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ)، ثم قال: "ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها". * وعن الحسن قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. * وعن الفضيل قال: الفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك. * وكان لقمان يُطيل الجلوس وحده، فكان يمر به مولاه فيقول: يا لقمان، إنك تُديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك. فيقول لقمان: إن طول الوحدة أفهم للفكر، وطول الفكر دليل على طريق الجنة. فانظر إلى الملكوت لترى عجائب العز والجبروت ولا تظن أن معنى النظر إلى الملكوت أن تمدَّ البصر إليه فترى زرقة السماء وضوء الكواكب وتفرقها؛ فإن البهائم تشاركك في هذا النظر. فإن كان هذا هو المراد فلم مدح الله تعالى إبراهيم بقوله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (لا بل كل ما يُدْرَك بحاسة البصر فالقرآن يُعبِّر عنه بالمُلك والشهادة وما غاب عن الأبصار فيعبر عنه بالغيب والملكوت، والله تعالى عالم الغيب والشهادة وجبار المُلك والملكوت، ولا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ)،فارفع الآن رأسك إلى السماء، وانظر فيها وفي كواكبها وفي دورانها وطلوعها وغروبها وشمسها وقمرها واختلاف مشارقها ومغاربها،وكلما استكثرت من معرفة عجيب صنع الله تعالى كانت معرفتك بجلاله وعظمته أتم.

السبت، يونيو 13، 2009

المهمة


علينا أن نعدهم لهذه المهمة

الجمعة، يونيو 12، 2009

اين موقعك من الاعراب

ليس المقصود هنا موقعك من الإعراب في جملة خبرية أو إنشائية، ولكن موقعك في حقل الدعوة الإسلامية . هل ما زالت في مرحلة البناء أم تجاوزت ذلك إلى حالة الإعراب ؟إن الفرد المسلم عندما يلتزم بدين الله أول الأمر يمر بمراحل يتلقى فيها العلم و الإيمان ويترعرع في أجواء التخلية من رواسب الجاهلية ثم ينتقل إلى مرحلة التحلية حيث يتغذى فيها بالعلم النافع والفكر السليم ، وهكذا حتى يدخل النور قلبه وإذا خرج الزور دخل النور ولا يتم ذلك إلا بهداية من الله وتوفيق وصدق الحق إذ يقول واصفا ذلك ( نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ) وبعد مرحلة البناء تلك ينتظر من هذا الشخص بذلا وعطاء في شتى ميادين الدعوة والكل متشرف ليروي تلك النبتة التي زرعت وتعاهد على رعايتها الكثير من الدعاة والمربين الذين أعطوه خلاصة تجربتهم لينمو ويكبر ويصبح حلقة الوصل بين السابقين واللاحقين وإنه لمن المحزن والمؤسف أن يرضى البعض بحالة البناء تلك أبد الدهر ولا يحاول أن يعطي ويبذل فيصبح عالة على الدعوة يثقل كاهلها بتخاذله ويعرقل مسيرتها بتباطئه.
نريد منك أيها الداعية أن تتحول من مرحلة البناء إلى حالة الإعراب فالكلمة المعربة لها في موقع الفاعل الرفع وفي موقع المفعول به النصب و أحيانا تجر إذا سبقت بحرف صغير من حروف الجر ، نريد منك المبادرة (الفاعل) لترفع سهم الدعوة في مجتمعاتنا بإبداعاتك و إنجازاتك ، فالمؤمن كما قال عليه الصلاة والسلام : أينما وقع نفع . وكل همه أن يسود شرع الله في مجتمعه وأينما يشارك هو في صناعة الحياة .
أما المبني فقد تجاهله النحاة من قبل ولم يعيروه اهتماما مثل المعرب إلا أنه ثابت لا يتغير في جميع الحالات ولا يتفاعل مع ما حوله من كلمات وجمل ، وهنا نفهم الفاروق رضي الله عنه عندما تمنى رجالا كأمثال أبي عبيدة رضي الله عنه ليفتح بهم الأمصار ويقود بهم الجموع الموحدة من نصر إلى أخر .

انت بتدور زق ولا مارش



الذاتية
لكون الذاتية مطلباً نفيساً وسمة غالية قل أن يتصف بها كثير من الناس كفيل بأن يجعل منها أمنية يتطلع لها كل أحد فهي كنز يحوي في معناه كل غال وثمين وكذلك هي نقطة قوة تنبثق منها كل خصال الخير وتنبعث منها كافة مكامن التأثير.....تمهيد:مهما تكن قدرة القائد والمربي على التوجيه والتأثير للتنفيذ قوية ومؤثرة فإنها لن تكون بنفس القوة والفاعلية لو كانت مستمدة من الذات بل إننا نستطيع أن نجزم أنه مهما كانت محبة المدعو لمن يدعُوه فإنها لن تثمر على المدى الطويل ما لم تكن الإستجابه منطلقة من محبة ورغبة ذاتية.ولنا في نبينا محمد علية أفضل الصلاة وأتم التسليم خير قدوة في الذاتية والعطاء ولعل الشواهد في ذالك كثيرة ومنها أنه قد أتعب نفسه في إيصال الخير لأهل الطائف ومع ذلك فقد قابلوه بالأذى والحجارة فأدموه فداه أبي و أمي ومع ذلك فقد كانت ذاتيته التي قادته لدعوة القوم هي التي منعت جبريل من أن يطبق عليهم الأخشبين بل ويزيد على ذلك أنه سوف يبذل ذاته مرة أخرى فلعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله فكان له ما أراد.لذلك فقد حرص الرسول الأعظم علية أفضل صلاة وأتم تسليم أن يجعل صفة الذاتية مطلب في كل من يختاره لصحبته رضوان الله عليهم فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقدم كل ما يملك للرسول طيبة بها نفسه من غير ما مسألة من أحد والشواهد على ذلك كثيرة لكن من أشهرها وأغربها أن يقوم الصديق رضي الله عنه في رحلة الهجرة وهم في الغار والنبي صلى الله عليه وسلم نائم فيقوم أبو بكر الصديق بوضع فخذه موطئً لرأس الرسول الكريم وإحدى رجليه تسد أحد مسامات الغار خوف من أن يلدغ منها الرسول فحدث ما خشيه الصديق ولدغت رجلة ولم يحرك ساكنا فأفاق الرسول على دمعات أبي بكر الصديق وهي تنحدر من خديه من شدة الألم.فما هي الذاتية ؟ وما الذي نعنيه بضعفها ؟ وما صور ذلك ؟ وما هي الأسباب والمؤثرات وكيف يمكننا العلاج ؟كلها أسئلة سوف أستعين بالله ثم بدعواتكم الصادقة لتقديمه كأوراق عمل أو إن شئت فقل ومضات علها أن تدل على الطريق
تعريف الذاتية:@ الذاتية هي أن يندفع الداعية لنمط من الأعمال، يحقق فيه إما نموا لذاته فيقربها إلى الله أو لدعوته فيكسبها رصيدا من الأتباع ، أو أن يجلب لها مغنما فيه إبداع و انتقاء ، أو أن يدراء عنها شر هي منه في عناء، وكل ذالك بدون تكليف أو متابعة من أحد إلا بل مبتغاة رضى ربه جل وعلا.@ وذاتية المبادر تكون في انتهازه الفرصة في وقتها فلا يتركها حتى إذا فاتت طلبها، فالمبادر لا يطلب الأمور في أدبارها ولا قبل وقتها"د.المهلهل".
أما ضعف الذاتية:@ فهو تواكلٌ على الغير واعتماد على الآخر وتهرب من مسؤولية وعجز عن قبول أي تحدٍ .فضعيف المبادرة قليل الجرأة لا يعمل إلا حين يكلف و إذا ما كلف لابد وأن يُتابع .ومع ذلك فإن لضعف الذاتية صور ومظاهر علها أن تكون ورقتنا القادمة إن شاء الله والله من وراء القصد،،،
* من صور ومظاهر ضعف الذاتية و المبادرة:1- يرى الخير أو الشر فلا يتفاعل معه حتى يطلب منه2- غيري مسؤول و أنا منفذ3- ما لم يطلب مني فلست بمحاسب ولا مسؤول3- حب الروتين والتقليد4- التعلق بالدنيا والخوف من العواقب5- التحجج بضعف الملكات وعدم القدرة الكاملة على إنجاز أعمال ذاتية 6- النقد وتعقب الهفوات7- الرضى بالواقع وعدم التطلع للأفضل8- التقوقع في حيز العمل المطلوب منه وإهمال كل ما سواه
@ أسباب ضعف الذاتيةولعل تشخيص المشكلة وحصر مسبباتها هو الخطوة الأولى نحو العلاج ولذلك فإن هناك العديد من المؤثرات وبداخل كل مؤثر منها صور وأشكال عديدة ومن هذه المؤثرات مايلي:
O البيئة والمجتمع # حب الدنيا والتعلق بها# حب التفلت من الإلتزامات والمسؤوليات (الغير ربحية)# محاربة أصحاب الأفكار والإبداعات# حب الروتين# المناهج الدراسية تركز على المادة المنهجية ولكنها عقيمة من التربية الأخلاقية والاجتماعية O البيت والتنشئة (مؤثر) :1- التربية على حب الذات وقلت الاهتمام بالغير2- التعود على الإتكالية3- الترف4- الخوف غير مبرر حيال إعطاء أي فرصة لإثبات النفس5- الخوف من الفشل6- التذرع بالكمال المفرط7- قلت القدوات أو عدم إبرازهم و تقديمهم 8- ضعف القدرة على إستغلال الطاقات وتوظيف القدرات
O المتابعة الدعوية (مرحلة) :1- ضعف الإنتقاء والإختيار2- عدم وضوح الهدف3- المركزية 4- عدم فهم وتطبيق مهارة التفويض5- التربية على مهارة التنفيذ الآلي فقط وكأنها تعني مفهوم الطاعة6- ضعف التربية على تربية ومتابعة الفرد لذاته 7- إهمال غرس المسؤولية والتعريف بما يترتب عليها8- عدم تطبيق التربية النظرية9- تضخيم داء الرياء وعدم القدرة على التعامل معه إن وجد10- التطبيق الحرفي لفنون الإدارة وإهمال خصوصية الدعوة11- قلت التشجيع والتكريم
O العطاء الدعوي (مرحلة) :1- إهمال محاسبة النفس2- سوء فهم الثقة والتكليف وأنها ليست تعني صك غفران3- عدم القدرة على تحمل المزيد من الأعباء4- الرضى عن النفس ومقارنتها بالأقل 5- التقليل من القدرات الذاتية6- الحزبية الممقوتة والعمل منها و لها فقط7- الركون لإنجازات المؤسسة و كأنها ليست من فرد أو أفراد
@ وسائل عملية لبناء الذاتية:ومع أننا تستطيع القول بأن اهتمامنا بأسباب الداء الأنفة الذكر وحرصنا على تجنبها قد يكون كافيا كحلول وقائية تمنع حدوث الظاهرة قبل بروزها إلا أن هنالك العديد من الوسائل والمهارات التي ليس من مهمتها فقط حل الظاهرة إن وجدت بل هي قادرة بإذن الله على أن تزيد من فاعلية الذاتية في النفس المؤمنة وكذلك توجيهها إلى أفضل و أعلى الغايات ومنها ما يلي: 1- أن نربي شباب الدعوة اليوم على أن الذاتية تعني عمليه ذكية في كسب الأجر وتنمية الجذوة الإيجابية في النفس من خلال عمل عام فيه نفع لعامة الناس.2- أن يستشعر العامل للإسلام وكأنه هو وحده الذي أنيط به التكليف.3- أن يقسم العمل بين العاملين فهو أهم وسائل التفعيل والتدريب على المبادرة وتفجير الطاقات وعكسها المركزية.4- تنمية المواهب والملكات وتوزيع المهمات والتكاليف حسب المهارات الذاتية ما أمكن.5- أن صاحب النشاط والإنتاج والإندماج مع أحداث الدعوة اليومية تشفع له هفواته إذا ما زل ، فلكل مجتهد زلة، فما من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من ينبغي آلا تكر عيوبه.6- أن تغرس الفكرة في قلوب الشباب فحينما تملك عليه قلبه فإنها حينئذ سوف تحرك مكامن نفسه وتفجر طاقاتها.7- التحفيز على المبادرة والتشجيع عليها وفتح المجال للإبداع والتجديد وفق ضوابط وأطر عامة.8- التربية على المعنى الحقيقي للإيمان فالمؤمن الحق يصدق قلبه بالله ورسوله فيخشع ويخضع ويندفع ليحقق بسلوكة وعملة ما أستقر في قلبه فيكون لإيمانه أثر في دنياه.9- إعتقاد وجوبيه الدعوة و أنها من أولى الواجبات وأن التقاعس عن أدائها وعدم المبادرة لتحمل تبعاته قد يكون في بعض الأوقات تفريط بأمانة يسائل عنها الفرد أمام الله كل حسبه.10- إستشعار عظم أجر المبادرة فقد يكون أجر صاحبها مثل أجور كل من أتى بعده.11- أن التوفيق للمبادرة نعمه ربانية وليست صنيعه إنسانية يوفق لها من يحبه الله ويرضى عنه فهل كل مسلم كأبي بكر لا والله.12- تأكيد السنة والحقيقة الإلهية وهي أن الدين لا يقوم ولا ينتشر إلا بالجهد البشري وبالطاقات التي يبذلها أصحابه والمؤمنون به.13- الحب فحب الدعوة يلهب العاطفة الفطرية وكما قيل "والحب يورث شدة الولاء ويبعث إلى العمل والإجتهاد قربى إلى المحبوب وابتغاء لمرضاته"14- دوام التذكير بالغاية بين الأحباب فهي مما يساعد على بقاء الهمة.15- الإحتكاك ومجالسة ذوي الإبداعات ففي مجالستهم تحفيز وأيما تحفيز.16- جعل الدنيا في اليد وإبعادها عن القلب وتحقيق التوكل على الله في موضوع الرزق17- توزيع الأدوار وتنقل المسؤولية18- لا تنتظر المكافأة من أحد وتقبلها حين توجه إليك